نجاح القاري لصحيح البخاري

حديث: مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع من حيث أتتها

          5644- (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ) هو: أبو إسحاق الحزامي المديني، قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد (مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ) مصغَّر: الفَلْح _بالفاء واللام والحاء المهملة_ (قَالَ: حَدَّثَنِي) بالإفراد (أبي) فليح بن سُليمان (عَنْ هِلاَلِ بْنِ عَلِيٍّ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ) بضم اللام وفتح الواو والهمزة على القولين فيه وتشديد الياء، وليس هلال هذا من أنفسهم، وإنَّما هو من مواليهم، واسم جده: أُسامة، وقد ينتسب إلى جدِّه، ويُقال له أيضًا: هلال بن أبي ميمونة، وهلال بن أبي هلال تابعيٌّ صغير مدني موثَّق. وفي الرِّواة هلال بن أبي هلال الفهري تابعيٌّ مدني أنصاري، يروي عن ابن عُمر ☻ ، وروى عنه أُسامة بن زيد اللَّيثي وحده، ووهمَ من خلطَ فيهما. وفيهم أيضًا: هلالُ بن أبي هلال مذحجي تابعي أيضًا، يروي عن أبي هُريرة ☺.
          وهلال بن أبي هلال أبو ظلال بصري تابعي أيضًا، يأتي ذكره قريبًا في باب «من ذهب بصره» [خ¦5653]، وهلال بن أبي هلال شيخ يروي عن أنس ☺ أفرده الخطيبُ في «المتفق» عن أبي ظلال، وقال: إنَّه مجهولٌ. قال الحافظُ العسقلاني: ولست أستبعدُ أن يكونا واحدًا.
          (عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ☺) أنَّه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلعم : مَثَلُ الْمُؤْمِنِ) / في الرِّضا بالقضاء، والشُّكر على السَّرَّاء والضَّرَّاء (كَمَثَلِ الْخَامَةِ مِنَ الزَّرْعِ، مِنْ حَيْثُ أَتَتْهَا الرِّيحُ كَفَأَتْهَا) بفتح الكاف والفاء والهمزة وسكون الفوقيَّة؛ أي: أمالتها. ونقل ابنُ التِّين: أنَّ منهم من رواه بغير همزة كأنَّه سهل الهمزة (فَإِذَا اعْتَدَلَتْ تَكَفَّأُ) بفتح الفوقية والكاف والفاء المشددة بعدها همزة؛ أي: انقلب (بِالْبَلاَءِ) قال القاضي عِياض: وصوابه: فإذا انقلبت، ثمَّ يكون قوله: «تكفأ» رجوعًا إلى وصف المسلم، وكذا ذكره في «التَّوحيد» [خ¦7466]. وقال الكرمانيُّ: فإن قلت: البلاء إنَّما يستعمل فيما يتعلَّق بالمؤمن، فالمناسب أن يقال: بالرِّيح؛ أي: إذا اعتدلت تكفأ بالرِّيح كما يتكفَّأُ المؤمن بالبلاء. قلت: الرِّيح أيضًا بلاء بالنِّسبة إلى الخامة، أو أراد بالبلاء ما يضرُّ بالخامة، أو لما شبَّه المؤمن بالخامة أثبتَ للمشبه به ما هو من خواصِّ المشبه. وقال الحافظُ العسقلاني: ويحتمل أن يكون جواب «إذا» محذوفًا؛ أي: فإذا اعتدلت الرِّيح استقامت الخامة، ويكون قوله بعد ذلك: «تكفأ بالبلاء»، رجوعًا إلى وصف المسلم، كما قال القاضي عِياض.
          قال: وسياق المصنف في باب «المشيئة والإرادة» من «كتاب التَّوحيد» يؤيِّد ذلك، فإنَّه أخرجه فيه عن محمد بن سنان عن فليح بإسناده الذي هنا، وقال فيه: ((فإذا سكنت اعتدلت، وكذا المؤمن تكفأ بالبلاء)) [خ¦7466].
          (وَالْفَاجِرُ) وفي رواية محمد بن سنان: ((والكافر)) [خ¦7466] وبهذا يظهرُ أنَّ المراد بالمنافق في حديث كعب بن مالك نفاق الكفر [خ¦5643] (كَالأَرْزَةِ) قد مرَّ ضبطه [خ¦5643] (صَمَّاءَ) أي: صلبة شديدة مُكتنزة ليست مجوَّفة ولا خوارة ضعيفة (مُعْتَدِلَةً، حَتَّى يَقْصِمَهَا اللَّهُ) بفتح أوله وسكون القاف؛ أي: يكسرها من القصم _بالقاف والصاد المهملة_، وهو الكسر عن إبانة، بخلاف الفصم _بالفاء_، وكأنَّه مستند الدَّاودي فيما فسَّر به الانجعاف، لكن لا يلزم التَّعبير بما يدلُّ على الكسر أن يكون هو التَّعبير بما يدلُّ على الانقلاع؛ لأنَّ الغرض القدر المشترك وهو الإزالةُ، والمراد: خروج الرُّوح من الجسد.
          (إِذَا شَاءَ) فيكون موتُه أشدَّ عذابًا عليه، وأكثرَ ألمًا في خروج نفسه من المؤمن المبتلى بالبلاء المثاب عليه.
          ومطابقة الحديث للتَّرجمة كمطابقة الحديث السَّابق. /