نجاح القاري لصحيح البخاري

باب عيادة النساء الرجال

          ░8▒ (بابُ عِيَادَةِ النِّسَاءِ الرِّجَالَ) أي: ولو كانوا أجانب بالشَّرط المعتبر (وَعَادَتْ أُمُّ الدَّرْدَاءِ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْمَسْجِدِ، مِنَ الأَنْصَارِ) أمُّ الدَّرداء هذه / زوجة أبي الدَّرداء عويمر، والمسجد مسجد المدينة. فإن قيل: أبو الدَّرداء له زوجتان كلٌّ منهما تسمَّى: أمَّ الدرداء: الكبرى اسمها: خَيْرة _بالخاء المعجمة المفتوحة بعدها تحتانية ساكنة_ بنت أبي حدرد الأسلمي، كانت صحابيَّة من فضلاء النِّساء وعقلائهنَّ، ماتت بالشَّام في خلافة عثمان ☺ قبل أبي الدَّرداء بسنتين، والأخرى أمُّ الدَّرداء الصُّغرى اسمها: هُجَيمة، بالجيم والتَّصغير، بنت حُيي، وهي تابعيَّة.
          قال أبو عمر: لا أعلم لها خبرًا يدلُّ على صحبة أو رؤية، ومن خبرها: أنَّ معاوية خطبها بعد أبي الدَّرداء فأبت أن تتزوجه، فأيَّتهما التي عادت رجلًا من أهل المسجد من الأنصار؟
          أُجيب: بأنَّ الكرمانيُّ قال: الظَّاهر أنَّ المراد هاهنا الكبرى. وتعقَّبه الحافظ العسقلاني: بأنَّه ليس كذلك، بل هي الصُّغرى؛ لأنَّ الأثر المذكور أخرجه البُخاري في «الأدب المفرد» من طريق الحارث بن عبيد، وهو شاميُّ تابعيُّ صغير لم يلحق أمَّ الدَّرداء الكبرى، فإنَّها ماتت قبل موتِ أبي الدَّرداء في خلافة عثمان كما مرَّ، قال: رأيتُ أمَّ الدَّرداء على رَحَّالةِ أعوادٍ، ليس لها غشاءٌ تعود رجلًا من الأنصار في المسجد.
          وقد تقدَّم في «الصَّلاة» [خ¦1/145-1319]: أن أمَّ الدَّرداء كانت تجلس في الصَّلاة جلسة الرَّجل، وكانت فقيهة، وأنَّها هي الصُّغرى، وهي عاشت إلى أواخر خلافة عبد الملك بن مروان، وماتت في سنة إحدى وثمانين بعد الكبرى بنحو خمسين سنة، فإن قيل: قد جعل ابن منده وأبو نُعيم وأبو مسهر خَيْرة وهُجَيمة واحدة.
          فالجواب: أنَّهم قالوا: هذا وهمٌ، والصَّحيح: أنَّهما ثنتان كما مرَّ.