نجاح القاري لصحيح البخاري

باب وجوب عيادة المريض

          ░4▒ (بابُ وُجُوبِ عِيَادَةِ الْمَرِيضِ) يُقال: عدت المريض أعوده عيادة: إذا زرتُه وسألتُ عن حاله، وأصل عيادة: عوادة، قلبت الواو ياء لكسرة ما قبلها، وأصل العود: الرُّجوع. يقال: عاد إلى فلان يعود عودًا وعودةً إذا رجع، وهذا يتعدَّى بنفسه، وبحرف الجر «بإلى» و«على» و«في» و«باللام»، وأطلق الوجوب على عيادة المريض؛ لظاهر الحديث، فيحتمل أن يكون من فروض الكفاية، ويحتمل أن يكون ندبًا للحث على التَّواصل والأُلفة ويتأكَّد في حقِّ بعض النَّاس.
          وقال الدَّاودي: هو فرضٌ تحمّله بعض النَّاس عن بعض، وقال ابن بطَّال: يحتمل / أن يكون الأمر على الوجوب بمعنى الكفاية كإطعامِ الجائع وفكِّ الأسير، ويحتمل أن يكون للنَّدب. وقال الجمهور: هي في الأصل ندبٌ، وقد نقل إلى الوجوب في حقِّ بعض دون بعض.
          ونقل النَّووي الإجماع على عدم الوجوب يعني: على الأعيان فقد يجب على الكفاية كإطعام الجائع وفك الأسير. وعن الطَّبري: يتأكَّد في حقِّ من يرجى بركته ويسنُّ فيمن يُراعى حاله، ويُباح فيما عدا ذلك، وفي الكافر خلاف، كما سيأتي ذكره في باب مفرد [خ¦75/11-8421].