نجاح القاري لصحيح البخاري

باب أكل المضطر

          ░38▒ (باب) حكم (أَكْلِ الْمُضْطَرِّ) من الميتة، وفي رواية أبي ذرٍّ: <إذا أكل المضطر>. وضع المصنِّف هذه التَّرجمةَ في المضطر إلى أكل الميتة، ولم يذكر فيها حديثاً أصلاً، فقيل: لأنَّه لم يظفر فيه بشيءٍ على مقتضى شرطه، واكتفى بسوق الآيات المذكورة، فإنَّه فيها بيان أحوال المضطر. وقيل: لأنَّه بيَّضَ موضعاً للحديث ليكتبه عند الظَّفر به فلم يُدْرِكْه، فانضمَّ بعض تلك الآيات إلى بعض عند نسخ الكتاب. /
          وقد روى الإمام أحمد: حدَّثنا الوليد بن مسلم: حدَّثنا الأوزاعي: حدَّثنا حسان، عن عطية، عن أبي واقد اللَّيثي: أنَّهم قالوا: يا رسول الله إنَّا بأرض تصيبنا مخمصة فمتى يحلُّ بها الميتة؟ فقال: ((إذا لم تَصْطَبِحُوا ولم تَغْتَبِقُوا ولم تجتفئوا بقلاً، فشأنكُم بها))، قال ابنُ كثير: تفرَّد به أحمد من هذا الوجه، وهو إسنادٌ صحيحٌ على شرط الشَّيخين.
          وروى ابن جرير: حدَّثني يعقوب بن إبراهيم: حدَّثنا ابن عليَّة، عن عون قال: وجدت عند الحسن كتاب سمرة فقرأته عليه، وكان فيه: «يجزئُ من الاضطرار صَبُوْحٌ أو غَبُوْق»، وروى أبو داود: حدَّثنا هارون بن عبد الله: حدَّثنا الفضل بن دُكين: حدَّثنا وهب بن عقبة بن وهيب العامريُّ: سمعت أبي يحدِّث عن الفجيع العامري: أنَّه أتى رسول الله صلعم فقال: ما يحلُّ لنا من الميتة؟ قال: ((ما طعامكم؟)) قلنا: نغتبقُ ونصطبح. قال أبو نعيم: فسَّره لي عقبة: قدح غدوة، وقدح عشيَّة، قال: ذاك وأبي الجوع ما أحلَّ لهم الميتة على هذا الحال، قال ابنُ كثير: تفرَّد به أبو داود، وكأنَّهم كانوا يغتبقون ويصطبحون شيئاً لا يكفيهم، فأحلَّ لهم الميتة لتمام كفايتهم.
          وقد يحتجُّ به بعض من يرى جواز الأكل منها حتَّى يبلغَ حدَّ الشِّبع، ولا يتقيَّد ذلك بسد الرَّمق، واعلم أنَّ المخمصة ضمورُ البطنِ من الجوع، وقوله: ((إذا لم تصطبحوا)) يعني به: الغداء، ولم تغتبقوا يعني به: العشاء.
          وقوله: ((ولم تجتفئوا بقلاً)) أي: ما لم تقتلعوه وترمُوا به، من جفأت القدر: إذا رمت ما يجتمع على رأسها من الزَّبد والوسخ، ومادته: جيم وفاء وهمزة.
          وقوله: ((فشأنكم بها)) أي: بالميتة؛ أي: استمتعوا بها غير مضيِّق عليكم، والشَّأن في الأصل: الخطب والحال والأمر، وانتصابه بإضمار فعل. وقوله: ((صبوح أو غبوق)) أريد بالصَّبوح / الغداء، وبالغبوق العشاء، وقوله: ((عن الفجيع العامري)) بالفاء والجيم والعين المهملة. قال أبو عُمر: الفجيع بن عبد الله بن جندح العامري من بني عامر بن صعصعة، سكن الكوفة، روى عنه وهب بن عقبة البكائيُّ.
          (لِقَوْلِهِ تَعَالَى) وفي رواية أبي ذرٍّ: <لقول الله تعالى> ({يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ}) أي: من حلالات ما رزقناكم أو مستلذَّاته ({وَاشْكُرُوا}) نعمة الله التي رزقكموها ({إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [البقرة:172]) أي: إن صحَّ أنَّكم تخصونه بالعبادة، وتقرون بأنَّه مولى النِّعم، فاشكروا له، فإنَّ الإيمانَ يوجب ذلك، وهو من شرائطه، وهو مشهورٌ في كلامهم. يقول الرَّجل لصاحبه الذي قد عرف أنَّه يحبه: إن كنت محباً لي فافعل كذا، فيدخل حرف الشَّرط في كلامه تحريكاً له على ما يأمره، وإعلاماً له أنَّ ذلك من شرائط المحبَّة، وقيل: إن كنتُم عازمين على الثَّبات فاشكروا له، فإنَّ تَرْكَكُم الشُّكرَ يُخْرِجُكم عنه. ثمَّ بين المحرم فقال: ({إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ}) وهي كل ما فارقه الرُّوح من غير ذكاة ممَّا يذبح، وإنَّما لإثبات المذكور دون ما عداه؛ أي: ما حرَّم عليكم إلَّا الميتة.
          ({وَالدَّمَ}) أي: السَّائل، وقد حَلَّتِ الميتتانِ والدَّمانِ بالحديث ({وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ}) يعني: بجميع أجزائه، وخصَّ اللَّحم؛ لأنَّه المقصود بالأكل ({وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ}) أي: ذبح للأصنام، ذكر هاهنا أربعة أشياء ولم يذكر سائر المحرَّمات؛ لأنَّهم كانوا يستحلون هذه الأشياء، فبيَّن الله ╡ أنَّه حرمها، ثمَّ أباح التَّناول منها عند الضَّرورة، وعند فقد غيرها من الأطعمة فقال: ({فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ}) حال؛ أي: فأكل غير باغ لِلذَّة وشَهْوَةٍ ({وَلاَ عَادٍ}) أي: متعدٍّ لمقدار الحاجة ({فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ}) في أكل ذلك؛ أي: فيباحُ له قدر ما يقعُ به القَوام، وتَبْقَى معه الحياةَ دون ما فيه حصول الشِّبع. وقال مجاهد: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ} [البقرة:173] قطعاً للسَّبيل، أو مفارقاً للأئمة، أو خارجاً في معصية الله، فإنَّه لا رخصةَ له، / وإن اضطر إليه، وكذا روي عن سعيد بن جُبير.
          وقيل: غير باغ في أكلها، ولا متعدٍّ فيه من غيرِ ضرورة، وقيل: غير مستحلٍّ لها، ولا عاد: متزوِّد منها، وقيل: عاد؛ أي: عائد فهو من المقلوب كشاك السِّلاح، أصله شائك، ومعنى الإثم هنا: أن يأكلَ منها فوق الشِّبع. واختلف في الشِّبع وسد الرَّمق والتزوُّد: فقال مالك: أحسن ما سمعت في المضطر: أنَّه يشبع ويتزوَّد، فإذا وجد غنى عنها طرحَها، وهو قول الزُّهري وربيعة، وقال أبو حنيفة والشَّافعي في قول: لا يأكل منها إلَّا مقدار ما يُمْسِكُ الرَّمق والنَّفس، وحكى الدَّاودي قولاً: أنَّه يأكلُ ثلاث لقم. وقيل: إن تغدى لا يتعشَّى، وإن تعشَّى لم يتغد، والحاصل: أنَّ الإباحةَ للاضطرارِ فتُقَدَّر بقدر ما تندفعُ به الضَّرورة.
          وقال الإمام القسطلانيُّ: ثمَّ الأصح: أنَّه يلزمه الأكل، فإن توقَّع حلالاً على قرب لم يجز غير سد الرَّمق، وإن لم يتوقَّع الحلال، فقيل: يجوزُ له الشِّبع، والأظهر: سدُّ الرَّمق فقط، إلَّا أن يخافَ تلفاً إن اقتصرَ عليه، فيجبُ عليه أن يشبعَ، قال: وله أكلُ آدميٍّ ميِّتٍ، وقيل: مرتد وحربي بالغ، وأكلهما؛ لأنَّهما غير معصومين، وحدُّ الاضطرار أن يصلَ به الجوع إلى حدِّ الإهلاك، أو إلى مرضٍ يفضي إليه، وهذا قولُ الجمهور.
          وقال السَّيد عبدُ الله بن أبي جمرة: الحكمة في ذلك: أنَّ في الميت سمِّيَّةً شديدةً، فلو أكلها ابتداءً لأهلكتْه، فشُرِعَ له أن يجوعَ؛ ليصيرَ في بدنه بالجوع سمِّيَّة هي أشدُّ من سمية الميت، فإذا أكل منها حينئذٍ لا يتضرَّر، قال الحافظُ العسقلانيُّ: وهذا إن ثبتَ حسن، بالغ في الحسنِ غايته.
          هذا وقد سقط قوله: <{وَاشْكُرُوا} إلى آخره> في رواية أبي ذرٍّ، وقال بعد: {مَا رَزَقْنَاكُمْ}: <إلى: {فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ}>. وفي رواية كريمة: ذكر آخر الآية وهو قوله: <{إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأنعام:172-173]>.
          (وَقَالَ) تعالى متَّصل بذكر المحرَّمات المذكورات قبل ({فَمَنِ اضْطُرَّ} [المائدة:3]) إلى الميتة، أو إلى غيرها من المحرَّمات ({فِي مَخْمَصَةٍ}) مجاعة ({غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ}) أي: غير منحرفٍ ومائل إلى إثم بأن لا يتجاوز سد الرَّمق ({فَإِنَّ اللَّهَ}) / والآية في سورة المائدة، وتمامها: {فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ} لا يؤاخذه بذلك {رَحِيمٌ} بإباحة المحظور للمعذور.
          (وَقَوْلُهُ) تعالى: ({فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام:118]) دون ما ذكر عليه اسم غيره من آلهتكم ({إِنْ كُنْتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ}) والآية في سورة الأنعام. وهذا إباحةٌ من الله لعباده المؤمنين أن يأكلوا من الذَّبائح ما ذُكِرَ اسمُ الله عليه، ومفهومه: أنَّه لا يُباح ما لم يُذْكَرِ اسم الله عليه، ثمَّ ندبَ إلى الأكل ممَّا ذكر اسم الله عليه. فقال: ({وَمَا لَكُمْ أَنْ لاَ تَأْكُلُوا}) {مَا} استفهاميَّة في موضع رَفْعٍ بالابتداء، ولكم الخبر؛ أي: وأي غرضٍ لكم في أن لا تأكلوا؟ ({مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فُصِّلَ لَكُمْ}) أي: بين لكم ({مَا حُرِّمَ عَلَيْكُمْ}) ممَّا لم يحرم بقوله: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ}.
          ({إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ}) ممَّا حرم عليكم؛ أي: إلَّا في حال الاضطرار فإنَّه مباحٌ حلال لكم في حال الضَّرورة؛ أي: شدَّة الحاجة إلى أكله، ثمَّ بين جهالة المشركين في آرائهِم الفاسدة من استحلالهم الميتات، فقال: ({وَإِنَّ كَثِيراً لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ}) أي: يضلُّون، فيحرمون ويحلِّلون بأهوائهم وشهواتهم من غير تعلُّق بشريعة ({إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ}[الأنعام:119]) بالمجاوزين عن الحقِّ إلى الباطل؛ أي: باعتدائهم وكذبهم وافترائهم، وقد سقطَ من قوله: <{مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ}إلى آخره> في رواية ابن عساكر، وقال بعد قوله: {تَأْكُلُوا}: <الآية>، وسقط في رواية أبي ذرٍّ من قوله: <{وَمَا لَكُمْ} إلى {الْمُعْتَدِينَ}>.
          (وَقَالَ جَلَّ وَعَلَا: {قُلْ}) يا محمد لهؤلاء الذين حرَّموا ما رزقهم الله افتراءً على الله، والآية في سورة الأنعام ({لاَ أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ} [الأنعام:145]) أي: آكِل يأْكُلُه، و{مُحَرَّماً} نصب صفة لموصوف محذوف؛ لدَلالة قوله: {عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ} [الأنعام:145] ؛ أي: لا أجد طعاماً محرماً، و{عَلَى طَاعِمٍ} متعلِّق بـ{مُحَرَّماً}، و{يَطْعَمُهُ} في موضع جر صفة لـ{طَاعِمٍ}.
          ({إِلاَّ أَنْ يَكُونَ}) ذلك المحرم، وقدره أبو البقاء ومكيُّ وغيرهما: إلَّا أن يكون المأكول أو ذلك ({مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً}) صفة لـ{دَماً}، والسَّفح: الصَّب، وهو ما خرج من الحيوان، وهي أحياء، ومن الأوداج عند الذَّبح، فلا يدخلُ الكبد والطَّحال؛ / لأنَّهما جامدان، وقد جاء الشَّرع بإباحتهما، ولا ما اختلط باللَّحم من الدَّم؛ لأنَّه غير سائل، وروى العوفيُّ عن ابن عبَّاس ☻ : يعني: مُهْرَاقاً، وليس في بعض النُّسخ هذا.
          ({أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ}) أي: نجس حرام، والهاء في {فَإِنَّهُ} الظَّاهر عودها إلى لحم المضاف إلى خنزير، وقال ابنُ حزم: إلى خنزير؛ لأنَّه أقربُ مذكور، ورجح الأوَّل بأنَّ اللَّحمَ هو المحدَّث عنه، والخنزير بعرضية الإضافة إليه. ألا ترى أنَّك إذا قلت: رأيت غلامَ زيد فأكرمتُه أنَّ الهاء تعود إلى الغلام؛ لأنَّه المحدَّث عنه المقصود بالإخبار عنه، لا إلى زيد؛ لأنَّه غير مقصود. ورجَّح الثَّاني: بأنَّ التَّحريم المضاف للخنزير ليس مختصاً بلحمهِ بل بشحمه وشعره وعظمه كذلك، فإذا أعدنا الضَّمير إلى الخنزير كان وافياً بالمقصود، وإذا أعدنا إلى لحم لم يكن في الآية تعرُّضٌ لتحريم ما عدا اللَّحم ممَّا ذكر.
          وأُجيب: بأنَّ ذكر اللَّحم دون غيره وإن كان غيرُه مقصوداً بالتَّحريم أيضاً؛ لأنَّه أهم ما فيه، وأكثر ما يقصد فيه اللَّحم كغيره من الحيوانات، وعلى هذا؛ فلا مفهومَ لتخصيصِ اللَّحم بالذِّكر، ولو سُلِّم؛ فإنَّه يكون من باب مفهوم اللَّقب، وهو ضعيفٌ جداً.
          وقوله: {فَإِنَّهُ رِجْسٌ} [الأنعام:145] إمَّا على المبالغة بأن جُعِلَ نفس الرَّجس، أو على حذف مضاف ({أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ}) في موضع نصب صفة لفسقاً؛ أي: رفع الصُّوت على ذبحه باسم غير الله تعالى، وسمِّي بالفسق لتوغُّله في باب الفسق ({فَمَنِ اضْطُرَّ}) أي: فمن دعته الضَّرورة إلى أكلِ شيءٍ من هذه المحرَّمات ({غَيْرَ بَاغٍ}) قيل: غير تاركٍ لمواساة مضطر مثله ({وَلاَ عَادٍ}) أي: متجاوزٍ قدر حاجته من تناوله ({فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأنعام:145]) وسقط في رواية أبي ذرٍّ وابن عساكر من قوله: <{طَاعِمٍ}إلى آخره>، وقال بعد قوله: {مُحَرَّماً}: <إلى: {أَوْ دَماً مَسْفُوحاً}>. ووقع هنا في بعض النُّسخ: <وقال ابن عبَّاس> ☻ : <مهراقاً> أي: وقال ابن عبَّاس ☺، في تفسيره {مَسْفُوحاً} [الأنعام:145] أي: مهراقاً.
          (وَقَالَ) جلَّ وعلا، في سورة النَّحل ({فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ} [النحل:114-115]) على يدي / محمد صلعم ({حَلاَلاً طَيِّباً}) بدلاً ممَّا كنتم تأكلونه حراماً خبيثاً من الأموال المأخوذةِ بالغارات والمغصوب وخبائث الكسوب ({وَاشْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ}) عليكم ({إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ. إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ}) وهي: ما فارقه الرُّوح من غير ذكاة ممَّا يذبح ({وَالدَّمَ}) السَّائل ({وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ}) بجميع أجزائه ({وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ}) أي: ذبح للأصنام، فذُكِرَ عليه غيرُ اسمِ الله تعالى ({فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النحل:114-115]) كذا ثبت هنا لكريمة والأَصيلي، وسقط للباقين.
          انتهيتُ الكتابة إلى هنا في اليوم العشرين يوم الخميس من أيام شهر شوال المنتظم في سلك شهور السنة الرَّابعة والخمسين بعد المائة والألف بمصر المحروسة، وكنت في هذه السَّنة حاجاً قاصداً لبيت الله الحرام، بلَّغني الله وسائر الحاج إلى مقاصدهم، وأوصلهم بالصِّحَّة والعافية إلى أوطانهم سالمين غانمين بلطفه فائزين وله حامدين ولنعمه شاكرين، ربنا أدخلنا برحمتك في عبادك الصَّالحين، ويسِّر لي إتمام هذا الشَّرح إلى آخر الكتاب بحرمة النَّبي صلعم وعلى آله وأصحابه أجمعين، وأنا الفقير إلى عناية ربه الصَّمد أبو محمد عبد الله بن محمد المدعو بيوسف أفندي زاده كتب الله لهم الحسنى وزيادة ويتلوه إن شاء الله تعالى كتاب الأضاحي. /