نجاح القاري لصحيح البخاري

باب صيد المعراض

          ░2▒ (باب) حكم (صَيْدِ الْمِعْرَاضِ) وقد مرَّ تفسير المعراض قريباً [خ¦5475] (وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ) ♦ (فِي الْمَقْتُولَةِ بِالْبُنْدُقَةِ: تِلْكَ الْمَوْقُوذَةُ) لأنَّها مقتولة بمثقَّل لا بمحدَّد، قيل: لا وجه لِذِكْرِ أَثَرِ ابن عُمر ☻ ، ولا للآثار التي بعده في هذا الباب.
          وقال العينيُّ: فيه وجهٌ حَسَنٌ، وهو أنَّ المقتولةَ بالبُندقة موقوذةٌ كما أنَّ مقتولةَ المِعراض بغير حدِّه موقوذة، فهذا المقدار كافٍ في بيانِ المطابقة، وتعليق ابن عُمر ☻ هذا وَصَلَه البَيهقيُّ من طريق ابن عامر العقدي، عن زهير هو: ابنُ محمد بن زيد بن أسلم، عن ابن عُمر ☻ ، أنَّه كان يقول: «المقتولةُ بالبُندقة تلك الموقوذة».
          (وَكَرِهَهُ سَالِمٌ) أي: كَرِهَ سالمُ بنُ عبد الله بن عُمر ♥ أكلَ مقتولة البندقة (وَالْقَاسِمُ) أي: وكرهه أيضاً القاسم بن محمد بن أبي بكر الصِّديق ♥ ، وأخرج أثرهما ابنُ أبي شيبة في «مصنَّفه» عن الثَّقفي، عن عبيد الله بن عُمر عنهما أنَّهما كانا يكرهان البندقة إلَّا ما أدركت ذكاته (وَمُجَاهِدٌ) أي: وكرهه أيضاً مجاهد، وأخرجه ابنُ أبي شيبة أيضاً عن ابن المبارك، عن مَعمر، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، أنَّه كرهه (وَإِبْرَاهِيمُ) أي: النَّخعي، وأخرجه ابنُ أبي شيبة أيضاً عن حفص، عن الأعمش، عن إبراهيم: لا تأكل ما أصبت بالبندقة إلَّا أن تذكى (وَعَطَاءٌ) هو: ابنُ أبي رباح، وأخرجه عبد الرَّزاق، عن ابن جريج قال عطاء: إن رميت صيداً ببندقة فأدركت ذكاته فكُلْه، وإلَّا فلا تأكله (وَالْحَسَنُ) البصري، وأخرجه ابنُ أبي شيبة، عن عبد الأعلى، عن هشام، عن الحسن: إذا رمى الرَّجل الصَّيد بالجُلَّاهِقة فلا تأكل إلَّا أن تُدْرَكَ ذكاته، وقال الحافظُ العسقلانيُّ: والجُلَّاهِقة، بضم الجيم وتشديد اللام وكسر الهاء بعدها قاف: هي البندقة / بالفارسيَّة، والجمع جَلَاهق، وقال العينيُّ: المشهور في لسان الفارسيَّة أنَّ اسم البندقة كل كمان.
          (وَكَرِهَ الْحَسَنُ) أي: البصري أيضاً (رَمْيَ الْبُنْدُقَةِ فِي الْقُرَى وَالأَمْصَارِ) تحرزاً عن إصابةِ النَّاسِ بخلاف الصَّحراء، وهذا ظاهر، وهو المراد بقوله: (وَلاَ يَرَى) في الرَّمي بالبندقة (بَأْساً فِيمَا سِوَاهُ) من الصَّحراء والأمكنة الخالية من النَّاس لانتفاء المحذور فيها. وقال ابنُ المنذر: وممَّن روينا عنه أنَّه كره صيدَ البندقة: ابنُ عُمر والنَّخعي ومالك والثَّوري والشَّافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور.