نجاح القاري لصحيح البخاري

حديث: لم يكن أحد أشبه بالنبي من الحسن بن علي

          3752- (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى) أي: ابن يزيد التَّميمي الفراء، أبو إسحاق الرَّازي، وقد مرَّ في مواضع، قال: (أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ) أبو عبد الرَّحمن الصَّنعاني (عَنْ مَعْمَرٍ) أي: ابن راشد (عَنِ الزُّهْرِيِّ) محمد بن مسلم بن شهاب (عَنْ أَنَسٍ ☺) أنَّه ((قَالَ: لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَشْبَهَ بِالنَّبِيِّ صلعم مِنَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ ☻ )) قال الحافظُ العسقلاني: هذا يُعارض رواية ابن سيرين الماضية في الحديث الثالث [خ¦3748]، ولفظه: كان _أي: الحسين ☺_ أشبههم برسولِ الله صلعم ، ويمكن الجمع بأن يكون أنس ☺ قال / ما وقع في رواية الزُّهري في حياة الحسن ☺؛ لأنَّه يومئذٍ كان أشد شبهاً بالنَّبي صلعم من أخيه الحسين ☺.
          وأمَّا ما وقع في رواية ابن سيرين فكان بعد ذلك كما هو ظاهرٌ من سياقهِ، والمراد بمن فُضِّل عليه الحسين ☺ من عدا الحسن ☺، ويحتملُ أن يكون كلٌّ منهما كان أشد شبهاً به صلعم في بعض أعضائه، فقد روى الترمذيُّ وابن حبَّان من طريق هانئ بن هانئ عن علي ☺ قال: الحسنُ أشبَهَ رسولَ الله صلعم ما بين الرَّأس إلى الصَّدر، والحسينُ أشبه النَّبيَّ صلعم ما كان أسفل من ذلك، ووقع في رواية عبد الأعلى عن مَعمر عند الإسماعيليِّ في رواية الزُّهري هذه: كان أشبهُهم وجهاً بالنَّبي صلعم ، وهو يؤيِّد حديث علي ☺ هذا، والله تعالى أعلم.
          (وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ) أنَّه قال: (أَخْبَرَنِي أَنَسٌ) ☺... الحديث. وهذا التَّعليق وصلَه أحمدُ وعبد بن حُمَيد جميعاً عن عبد الرَّزَّاق. وأخرجه الترمذيُّ في «المناقب» عن محمد بن يحيى الذُّهلي عن عبد الرَّزَّاق به، وقال: حسنٌ صحيحٌ.
          قال الحافظُ العسقلاني: أراد البخاريُّ بهذا التَّعليق بيان سماع الزُّهري له من أنس ☺.
          ومطابقة الحديث للترجمةِ من حيث إنَّ الحسن ☺ إذا لم يكن أحدٌ أشبه بالنَّبي صلعم منه، كانت له منقبةٌ عظيمةٌ وفضل ظاهر.
          تذييل: الذين كانوا يُشبِهون النَّبي صلعم غير الحسن والحسين ☻ : جعفر بن أبي طالب، وابنه عبد الله بن جعفر، وقُثم بن العبَّاس بن عبد المطَّلب، وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطَّلب، ومسلم بن عَقيل بن أبي طالب.
          ومن غير بني هاشم: السَّائب بن يزيد المطَّلبي الجد الأعلى للإمام الشَّافعي، وعبد الله بن عامر بن كَريز العبشَمِي، وكابس بن ربيعة / بن عدي، فهؤلاء عشرة، نظم أبو الفتح ابن سيِّد الناس منهم خمسة فقط، قال:
بِخَمْسَةٍ شُبِّهَ الْمُخْتَارُ مِنْ مُضَرَ                     يَا حُسْن مَا خَوَّلُوا مَنْ شبهُهُ الْحسنِ
بِجَعْفَرٍ وَابْنِ عَمِّ الْمُصْطَفَى قُثَمٍ                      وَسَائِبٍ وَأَبِي سُفْيَانَ وَالْحَسَنِ
          وزاد بعضُهم اثنين وهما: الحُسين ☺، وعبد الله بن جعفر ☻ فقال:
وَسَبْعَةٌ شُبِّهُوا بِالْمُصْطَفَى فَمَا                     لَهُمْ بِذَلِكَ قَدْرٌ قَدْ زَكَا وَنَمَا
سِبْطَا النَّبِيِّ أَبُو سُفْيَانَ سَائِبُهُمْ                     وَجَعْفَرٌ وَابْنُهُ ذُو الْجُودِ مَعْ قُثَمَا
          وزادَ الحافظ العسقلاني ثلاثة وهم: عبدُ الله بن عامر، ومسلم بن عقيل، وكابس، فصاروا عشرة.
          فقال:
شَبَهُ النَّبِيِّ لِعَشْرٍ سَائِبٍ وَأَبِي                     سُفْيَانَ وَالْحَسَنَيْنِ الطَّاهِرَيْنِ هُمَا
وَجَعْفَرٍ وَابْنه ثمَّ ابن عَامر هم                     وَمُسْلِمٍ كَابِسٍ يَتْلُوهُ مَعْ قُثَمَا