نجاح القاري لصحيح البخاري

باب مناقب الزبير بن العوام

          ░13▒ (مَنَاقِبُ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ) بتشديد الواو، ابن خويلد بن أسد بن عبد العزَّى بن قصي بن كلاب بن مرَّة بن كعب بن لؤي بن غالب القرشي الأسدي، أبو عبد الله، يجتمعُ مع النَّبي صلعم في قصي، وعدد ما بينهما من الآباء سواء، وأمُّه صفيَّة بنت عبد المطلب عمَّة النَّبي صلعم وهو أحدُ العشرة المبشَّرة المشهود لهم بالجنَّة، شهد بدراً والمشاهد كلَّها مع رسولِ الله صلعم وهاجرَ الهجرتين، وأسلمَ وهو ابنُ ستَّ عشرة سنة.
          وروى الحاكم / بإسناد صحيحٍ عن عروة قال: أسلم الزُّبير وهو ابنُ ثمان سنين. قال الكرمانيُّ: وهو رابعُ الإسلام، وأوَّل من سلَّ سيفاً في سبيل الله، ترك القتال يوم الجمل فلحقَه جماعةٌ فقتلوهُ بوادي السّباع بناحية البصرة سنة ست وثلاثين. وقال العينيُّ: في جمادى الأولى؛ يعني: في تلك السنة وقبرُه بوادي السِّباع قتله عَمرو بن جرموز.
          (وقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ☻ : هُوَ حَوَارِيُّ النَّبِيِّ صلعم ) وهو طرفٌ من حديث سيأتي في «تفسير براءة» من طريق ابنِ أبي مُليكة [خ¦4665]. والحَوَاري: بفتح الحاء المهملة وتخفيف الواو وتشديد الياء، هو لفظٌ مفردٌ، ومعناه: الناصر. رواه الترمذيُّ عن سفيان بن عُيينة. وقال الزُّبير: عن محمد بن سلام سألتُ يونس بن حبيب عن الحواري قال: الخالصُ. وعن ابنِ الكلبيِّ: الحواري: الخليل. وعن قتادةَ: الحواري هو الذي يصلحُ للخلافة، وعنه هو الوزير، وقيل: الصَّافي. وقال النَّضر بن شُميل: الحواري خاصَّة الرجل الذي يستعينُ به فيما ينويهِ، والكلُّ متقاربُ المعنى.
          (وَسُمِّيَ الْحَوَارِيُّونَ لِبَيَاضِ ثِيَابِهِمْ) وصلَه ابن أبي حاتم من طريق سعيدِ بن جُبير عن ابن عبَّاس ☻ ، وزاد: أنهم كانوا صيادين يصطادون السَّمك. وإسناده صحيحٌ إليه، أراد به حواريي عيسى ◙.
          وقال أبو أرطاةَ: كانوا قصَّارين، سُمُّوا بذلك لأنَّهم كانوا يحوِّرون الثِّياب؛ أي: يبيضونها.
          وقال الضَّحاك: سُمّوا حواريين لصفاءِ قلوبهم. وقال عبدُ الله بن المبارك: سُمّوا بذلك لأنَّهم كانوا نُورانيين عليهم أثرُ العبادة ونورها وبهاؤها. وأصل الحوار عند العرب البياض، ومنه الأحورُ والحوراءُ ودقيق حواري، وقيل: كانوا صباغين.
          وعن الضَّحَّاك: إنَّ الحواري هو الغسَّال بالنَّبطية لكنَّهم يجعلون الحاء هاء.
          وقال الثَّعلبي: وكانوا أصفياء عيسى وأولياءَه وأنصارَه ووزراءَه، وكانوا اثني عشر رجلاً وأسماؤهم: بطرس، ويعقُوبَس، ويحنَّس، وأندرابيس، وقبيلس، وأبرثلما، ومنتا، وأتوماس، ويعقوب بن خلقانا، ونشيمس، وقنانيا، ويوذس، فهؤلاء حواريو عيسى ◙.
          وأمَّا حواريو هذه الأمة فقال قتادة: إنَّ الحواريين كلُّهم من قريش، / أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وحمزة، وجعفر، وأبو عبيدة بن الجرَّاح، وعثمان بن مَظعون، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقَّاص، وطلحة بن عبيد الله، والزُّبير بن العوَّام ♥ .
          فإن قيل: فما وجه التَّخصيص بالزُّبير بن العوَّام ☺.
          فالجواب: أنَّه قاله يوم الأحزاب حين قال: ((من يأتيني بخبرِ القوم؟)) فقال الزُّبير ☺: أنا، ثم قال: ((من يأتيني بخبر القوم؟)) فقال: أنا، وهكذا مرَّة ثالثة، ولا شكَّ أنَّه في ذلك الوقت نصرَه نصرةً زائدةً على غيره.