نجاح القاري لصحيح البخاري

باب مناقب زيد بن حارثة

          ░17▒ (مَنَاقِبُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ مَوْلَى النَّبِيِّ صلعم ) هو: زيدُ بن حارثة بن شراحيل (1) بن كعب بن عبد العزى من بني كلب، أُسِر زيدٌ في الجاهليَّة فاشتراه حكيم بن حزامٍ لعمَّته خديجة ♦، فاستوهبَه النَّبي صلعم منها، ويُقال: خرجت به أمُّه تزور قومَها فاتَّفق غارة فيهم، فاحتملوا زيداً وهو ابنُ ثمان سنين، ووفدوا به إلى سوقِ عكاظ فعرضوهُ على البيع، فاشتراهُ حكيمُ بن حزام _بالزاي_ لخديجة ♦ بأربعمائة درهم، فلمَّا تزوَّجها رسول الله صلعم / وهبته له، ثمَّ إنَّ خبره اتَّصل بأهلهِ فحضر أبوه حارثةَ في فدائهِ، فخيَّره النَّبي صلعم بين المقام عنده والرُّجوع إليهم، فاختار رسولَ الله صلعم على أهلهِ وتبنَّاه رسول الله صلعم وزوَّجه حاضنتَه أم أيمن فولدت أسامة.
          ومن فضائله: أنَّه سمَّاه الله في القرآن، وهو أوَّل من أسلم من الموالي، وكان من الأمراء الشُّهداء، قُتِل في غزوةِ مؤتة أميراً للجيش. وقال ابنُ عمر ☻ : ما كنَّا ندعوهُ إلَّا زيد بن محمد حتى نزلت: {ادْعُوهُمْ لِآَبَائِهِمْ} [الأحزاب:5].
          وذكر محمد بن إسحاق في «السيرة»: أنَّ أباه وعمَّه أتيا مكَّة فوجداهُ فطلبا أن يفدياهُ، فخيَّره النَّبي صلعم بين أن يدفعَه إليهما، وبين أن يبقَى عنده فاختار أن يبقَى عنده.
          وقد أخرج ابنُ منده في «معرفة الصحابة» عن آل بيت زيد بن حارثة: أنَّ حارثة أسلم يومئذٍ؛ يعني: يوم جاء لأنْ يفديه.
          وأخرج الترمذيُّ من طريق جبلة بن حارثة، قال: قلت: يا رسول الله، ابعث معي أخي زيداً قال: ((إن انطلق معك لم أمنعه)) فقال زيد: يا رسول الله، والله لا أختارُ عليك أحداً، ويروى: ((أبداً)).
          ومات أسامة بن زيد بالمدينة أو بوادي القرى، سنة أربع وخمسين، وقيل قبل ذلك وكان قد سكن بالمزَّة من عمل دمشق مدَّة.
          (وَقَالَ الْبَرَاءُ عَنِ النَّبِيِّ صلعم : أَنْتَ أَخُونَا وَمَوْلاَنَا) هذا طرفٌ من حديث البراء المشار إليه في ترجمة جعفر بن أبي طالب، وقد أخرجَه مطولاً في «كتاب الصُّلح»، في باب: «كيف يكتب هذا ما صالح...إلى آخره» [خ¦2698].


[1] في هامش الأصل: في نسخة: شرحبيل.