نجاح القاري لصحيح البخاري

حديث: رأيت أبا بكر وحمل الحسن وهو يقول: بأبي شبيه بالنبي

          3750- (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ) هو: عبدُ الله، لقب بعبدان، وقد تكرر ذكره، قال: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ) هو: ابنُ المبارك، قال: (أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ) القرشي النَّوفلي (عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ) أي: عن عبد الله بن أبي مُليكة، بضم الميم (عَنْ عُقْبَةَ) بضم المهملة وسكون القاف (ابْنِ الْحَارِثِ) أي: ابن عامر بن نوفل بن عبد مناف أبو سروعة القرشي المكي، سمع النَّبي صلعم وقد مرَّ في «العلم» [خ¦88].
          (قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ ☺ وَحَمَلَ الْحَسَنَ ☺) الواو فيه للحال وكذلك الواو في قوله: (وَهْوَ يَقُولُ: بِأَبِي) أي: هو مفدَّى بأبي، وقوله: (شَبِيهٌ بِالنَّبِيِّ) مرفوعٌ لأنه خبر مبتدأ محذوفٍ تقديره: هو شبيه بالنَّبي صلعم ، ويحتمل أن يكون قوله: «بأبي» قسماً تقديره: لهو شبيه، أو إنَّه شبيه، قاله الكرماني، وهو تعسُّف.
          ووقع عند أحمد من وجه آخر عن ابنِ أبي مليكة قال: كانت فاطمة ♦ ترقِّص الحسن وتقول: بأبي شبيه بالنَّبي ليس شبيهٌ بعلي، وفيه إرسالٌ فإن كان محفوظاً فلعلَّها تواردتْ في ذلك مع أبي بكر، أو تلقى ذلك أحدهما من الآخر ☻ .
          (لَيْسَ شَبِيهًا بِعَلِيٍّ) بالنصب، ويروى: <ليس شبيهٌ> بالرفع، أمَّا وجه النصب فظاهرٌ؛ لأنه خبر «ليس»، واسمه هو الضَّمير الذي فيه، وأمَّا وجه الرفع فهو أنَّ «ليس» بمعنى «لا» العاطفة؛ يعني: لا شبيه بعلي.
          قال ابنُ مالك: كذا وقع برفع «شبيهٌ» على أنَّ «ليس» حرف عطف وهو مذهب كوفي، قال: / ويجوز أن يكون «شبيه» اسم «ليس» ويكون خبرها الضَّمير المتصل المحذوف استغناء عن لفظه بنيته، والتَّقدير: ليسه شبيه، ونحوه قوله في خطبة يوم النَّحر: أليس ذو الحجة.
          وقال الطِّيبي في قوله: «بأبي شبيه بالنَّبي» يحتمل أن يكون التَّقدير: هو بأبي شبيه، فيكون خبراً، وأفديه بأبي وشبيه خبر مبتدأ محذوف، وفيه إشعار بغلبة الشَّبه للتَّفدية.
          وفي قوله: «شبيه بالنَّبي»، ما قد يعارض قول علي ☺ في صفة النَّبي صلعم لم أرَ قبله ولا بعده مثله، أخرجه الترمذيُّ في «الشمائل».
          والجواب: أنَّ يحمل النَّفي على عموم الشبه، والمثبت على معظمه، والله تعالى أعلم.
          (وَعَلِيٌّ يَضْحَكُ) وفي الحديث: مطايبة أبي بكر مع علي ☻ .
          ومطابقة الحديث للترجمة في قوله: وحمل الحسن...إلى آخره، والحديث من أفراده.