نجاح القاري لصحيح البخاري

باب مناقب سالم مولى أبي حذيفة

          ░26▒ (مَنَاقِبُ سَالِمٍ، مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ) ويروى: <باب مناقب...إلى آخره> بزيادة لفظ: «باب»، أمَّا سالم فقال أبو عمر: هو سالمُ بن مَعْقِل _بفتح الميم وإسكان العين المهملة وكسر القاف_ يكنى: أبا عبد الله، كان من أهل فارس من اصطخر، وقيل: إنَّه من عجم الفرس، وكان من فضلاءِ الصَّحابة وكبارهم، وهو معدودٌ في المهاجرين؛ لأنَّه لما أعتقته مَولاته الأنصاريَّة زوج أبي حذيفة فوالى أبا حُذيفة وتبنَّاه فلذلك عدَّ في المهاجرين، وهو معدودٌ أيضاً من الأنصارِ لكونه مولى الأنصاريَّة زوج أبي حذيفة، وهو معدودٌ أيضاً في العجم لما مرَّ، ويعدُّ في القرَّاء أيضاً لما في / هذا الحديث من أنَّه كان عارفاً بالقرآن.
          وقد سبق في «كتاب الصَّلاة» أنَّه كان يؤمُّ المهاجرين بقباء فيهم عمر ☺ لما قدموا من مكَّة قبل أن يقدمَ النَّبي صلعم المدينة [خ¦692]، وقد رويَ أنَّه كان هاجر مع عُمر بن الخطاب ☺، وكان يفرطُ في الثناء عليه، وكان رسولُ الله صلعم قد آخى بينه وبين معاذ بن ماعص، وقيل: إنَّه آخى بينه وبين أبي بكر ☺، ولا يصحُّ.
          وروي عن عُمر ☺ أنَّه قال: لو كان سالم حياً ما جعلتها شورى، قال: وكان أبو حذيفة ☺ قد تبنى سالماً، فكان ينسبُ إليه، ويقال: سالم بن أبي حذيفة حتى نزلتْ: {ادْعُوهُمْ لِآَبَائِهِمْ} [الأحزاب:5] الآية، وكان سالم عبداً لثُبَيتة بنت يُعار بن زيد بن عُبيد بن زيد بن مالك بن عَمرو بن عوف الأنصارية، وكانت من المهاجراتِ الأول.
          وثُبَيْتَة: بضم المثلثة وفتح الموحدة وسكون المثناة التحتية وفتح المثناة الفوقية، وقيل: اسمُها: عَمرة بنت يُعار. وعن ابنِ إسحاق: اسمها: سلمَى بنت يُعار. ويُعَار: بضم المثناة التحتية وفتحها وبالعين المهملة.
          وقال أبو عُمر: شهدَ سالم مولى أبي حذيفة بدراً وما بعدها، وقُتِلَ يوم اليمامة شهيداً هو ومَولاه أبو حذيفة، فوجدَ رأس أحدهمَا عند رجلي الآخر، وذلك [سنة] اثنتي عشرة من الهجرةِ، وأمَّا أبو حذيفة مصغَّر حذفة _بالمهملة والمعجمة والفاء_ فاختلف في اسمه، فقيل: مَهْشم، وقيل: هُشيم، وقيل: هاشم بن عُتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي العبشمي، كان من فضلاء الصَّحابة من المهاجرين الأوَّلين، جمع الله له الشَّرف والفضل، صلَّى القبلتين وهاجر الهجرتين، وكان إسلامه قبلَ دخول رسول الله صلعم دار الأرقم للدُّعاء فيها إلى الإسلام وشهد بدراً وأحداً والخندق والحديبية والمشاهد / كلها، وقتلَ يوم اليمامة شهيداً كما مرَّ آنفاً، وهو ابنُ ثلاث، أو أربع وخمسين سنة، وقتل أبوه يوم بدر كافراً فساءه ذلك، وقال: كنتُ أرجو أن يسلمَ كما كنت (1) أرى من عقلهِ.


[1] في هامش الأصل: في نسخة: لما كنت.