إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: اللهم حوالينا ولا علينا

          6093- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ) أبو عبد الله البُنانيُّ البصريُّ، وليس هو محمَّد بن الحسن الملقَّب بمحبوب قال: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ) الوضَّاحُ اليشكريُّ (عَنْ قَتَادَةَ‼) بن دِعامة (عَنْ أَنَسٍ) ☺ . وقال البخاريُّ: (وَقَالَ لِي خَلِيفَةُ) بن خيَّاطٍ العصفريُّ: (حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ) الخيَّاط أبو معاوية البصريُّ قال: (حَدَّثَنَا سَعِيدٌ) أي: ابنُ أبي عَروبة (عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ ☺ أَنَّ رَجُلًا) أعرابيًا (جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلعم يَوْمَ الجُمُعَةِ وَهْوَ يَخْطُبُ) على المنبرِ في مسجده الشَّريف (بِالمَدِينَةِ فَقَالَ): يا رسول الله (قَحِطَ المَطَرُ) بفتح القاف وكسر الحاء، أي: احتبسَ (فَاسْتَسْقِ رَبَّكَ) وفي «الاستسقاء» فادعُ الله أن يسقينا [خ¦1015] (فَنَظَرَ) صلعم (إِلَى السَّمَاءِ وَمَا نَرَى مِنْ سَحَابٍ) مجتمعٍ(1) فيها (فَاسْتَسْقَى) قال: (اللَّهُمَّ اسْقِنَا، فَنَشَأَ السَّحَابُ بَعْضُهُ إِلَى بَعْضٍ، ثُمَّ مُطِرُوا(2) حَتَّى سَالَتْ مَثَاعِبُ المَدِينَةِ) بفتح الميم والمثلثة بعد الألف عين مهملة مكسورة فموحدة، جمع: مَثْعَب، أي: مسايلُ الماء الَّتي بالمدينة (فَمَا زَالَتْ) تمطرُ (إِلَى الجُمُعَةِ المُقْبِلَةِ مَا تُقْلِعُ) بضم الفوقية وسكون القاف وكسر اللام، ما تكفُّ (ثُمَّ قَامَ ذَلِكَ الرَّجُلُ) الَّذي قال: قَحِطَ المطر (_أَوْ) رجلٌ (غَيْرُهُ_) بالشَّكِّ (وَالنَّبِيُّ صلعم يَخْطُبُ) في يوم الجمعةِ الأخرى (فَقَالَ): يا رسول الله (غَرِقْنَا) من كثرةِ المطرِ (فَادْعُ رَبَّكَ يَحْبِسْهَا عَنَّا) بالجزم جوابُ الأمر (فَضَحِكَ) صلعم (ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا) منصوبٌ على الظَّرفيَّة وهو من الظُّروف المكانيَّة المبهمة؛ لأنَّه بمعنى النَّاحية، ولا يخرجهُ عن الإبهامِ اختصاصُه بالإضافةِ، كما تقول: جلستُ مكان زيدٍ، أي: قعدتُ موضعهُ، وهو مكان عبد الله وموضعه، وهذا بخلاف الدَّار والمسجد فإنَّهما مختصَّان؛ لأنَّ ذلك لا يطلقُ على كلِّ موضعٍ بل هو بأصلِ وضعهِ لمعنى مخصوص، والنَّاصبُ لحوالينَا فعلٌ مقدَّرٌ، أي: اللَّهم اجعلْها حَوَالينا (وَلَا) تجعلْها (عَلَيْنَا) قال ذلك (مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا) فعلينَا يتعلَّق(3) بالمقدَّر كالظَّرف، والمرادُ بحوالي المدينة مواضع النَّباتِ والزَّرع لا في نفسِ المدينةِ وبيوتِها، ولا فيما حَوالي المدينةِ من الطُّرق، وإلَّا لم يزلْ بذلك شكواهُم جميعًا (فَجَعَلَ السَّحَابُ يَتَصَدَّعُ) بوزن يتفعَّل، أي: يتفرَّقُ، وفي «الاستسقاء» [خ¦1015] بلفظ يتقطَّعُ (عَنِ المَدِينَةِ) حال كونهِ (يَمِينًا وَشِمَالًا، يُمْطَرُ مَا حَوَالَيْنَا) من أهل اليمين والشِّمال (وَلَا يُمْطِرُ مِنْهَا(4) شَيْءٌ) في المدينة (يُرِيهِمُ اللهُ) ╡ (كَرَامَةَ نَبِيِّهِ صلعم ) عنده (وَإِجَابَةَ دَعْوَتِهِ) وكم له صلعم من دعوةٍ مُستجابة.
          والحديث سبق في «باب الاستسقاء على المنبر» [خ¦1015].


[1] في (د): «يجتمع».
[2] في (ص): «مطرنا».
[3] في (ع) و(د): «متعلق».
[4] في (ب): «فيها».