إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب: {يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرًا من الظن}

          ░58▒ هذا(1) (بابٌ) بالتَّنوين، وهو ساقطٌ في رواية أبي ذرٍّ ({يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ}) يقال: جنبه الشَّرَّ إذا أبعدَه عنه، وحقيقتُه جعله في جانب فيتعدَّى إلى مفعولين. قال الله تعالى: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ}[إبراهيم:35] ومطاوعهُ اجتنب الشَّرَّ فنقص مفعولًا، والمأمور باجتنابهِ هو(2) بعض الظَّنِّ، وذلك البعض موصوفٌ بالكثرةِ ألا ترى إلى قولهِ: ({إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ }) يستحقُّ صاحبَه العقاب. قال الفرَّاء(3): هو ظنُّك بأهلِ الخير سُوءًا، فأمَّا أهلُ الفسق فلنا أن نظنَّ فيهم مثلَ الَّذي ظهر منهم، ويجوزُ أن يكون من مجازِ الحذف تقديرهُ: اجتنبوا كثيرًا من اتِّباع الظَّنِّ إنَّ اتِّباع بعض الظَّنِّ كذبٌ ({وَلَا تَجَسَّسُوا}[الحجرات:2]) أي: لا تتَّبعوا عورات المسلمين ومعايبهم.


[1] «هذا»: ليست في (د).
[2] قوله: «هو»: ليس في (ع) و(ص).
[3] هكذا في كل الأصول، والكلام معزو في العمدة إلى «الزجاج» وكذا عزاه إليه في «تفسير النسفي».