إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: اذهبوا به فارجموه

          5271- 5272- وبه قال: (حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ) الحكم بن نافعٍ قال: (أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ) هو ابنُ أبي حمزة (عَنِ الزُّهْرِيِّ) محمَّد بن مسلمٍ أنَّه (قَالَ: أَخْبَرَنِي) بالإفراد (أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) بن عوفٍ (وَسَعِيدُ بْنُ المُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ) ☺ ‼ (قَالَ: أَتَى رَجُلٌ مِنْ أَسْلَمَ) اسمه ماعزٌ، وأسلمُ قبيلتهُ(1) (رَسُولَ اللهِ صلعم وَهْوَ فِي المَسْجِدِ) الواو للحال (فَنَادَاهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ الأَخِرَ) بفتح الهمزة المقصورة وكسر الخاء المعجمة. قال عياضٌ: ومدُّ الهمزة خطأٌ، وكذا فتح الخاء، أي: المتأخِّر عن السَّعادة المدْبر، أو الأرذلُ، أو اللَّئيم (قَدْ زَنَى _يَعْنِي: نَفْسَهُ_ فَأَعْرَضَ) صلعم (عَنْهُ فَتَنَحَّى لِشِقِّ وَجْهِهِ الَّذِي أَعْرَضَ قِبَلَهُ) بكسر القاف وفتح الموحدة، جهته. قال الخطابيُّ: تنحَّى تفعَّل مِنْ نَحا إذا قصد، أي: قصدَ الجهة الَّتي إليها وجهه ونحا نحوها (فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ الأَخِرَ قَدْ زَنَى، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، فَتَنَحَّى لِشِقِّ وَجْهِهِ الَّذِي) ولابن عساكرَ: ”لشقِّه الَّذي“ / (أَعْرَضَ قِبَلَهُ، فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ): إنَّ الأخر قد زنى (فَأَعْرَضَ عَنْهُ فَتَنَحَّى) الرَّجل (لهُ الرَّابِعَةَ، فَلَمَّا شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ): بالزِّنا (أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ دَعَاهُ، فَقَالَ) له: (هَلْ بِكَ جُنُونٌ؟) قال النَّوويُّ: إنَّما قال: هل بك(2) جنونٌ لتحقُّق حاله، فإنَّ(3) الغالب أنَّ الإنسان لا يصرُّ على إقرارِ ما يقتضِي هلاكه، وفيه إشارةٌ إلى أنَّ إقرارَ المجنون باطلٌ (قَالَ: لَا) ما بي جنونٌ (فَقَالَ النَّبِيُّ صلعم : اذْهَبُوا بِهِ) الباء للتعدية، أو للحال، أي: اذهبوا مصاحبينَ له (فَارْجُمُوهُ، وَكَانَ قَدْ أُحْصِنَ) بضم الهمزة وكسر الصاد.
          (وَعَنِ الزُّهْرِيِّ) عطفٌ على قوله في السَّند السَّابق: شعيبٌ عن الزُّهريِّ... إلى آخره، أنَّه (قَالَ: أَخْبَرَنِي) بالإفراد، ولأبي ذرٍّ وابن عساكرَ: ”فأَخْبرني“ بالفاء والإفراد (مَنْ سَمِعَ جَابِرَ ابْنَ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيَّ) أبهم الرَّاوي عنه، فيحتملُ أنَّه أبو سلمة الَّذي روى عنه أوَّلًا، وأن يكون غيره روى عنه (قَالَ: كُنْتُ فِيمَنْ رَجَمَهُ فَرَجَمْنَاهُ بِالمُصَلَّى بِالمَدِينَةِ) فيه تقديمٌ وتأخيرٌ، أي: فرجمناهُ بالمصلَّى فكنتُ فيمن رجمَه، أو يقدَّر: فكنتُ فيمن أرادَ حضورَ رجمهِ فرَجمناه (فَلَمَّا أَذْلَقَتْهُ الحِجَارَةُ) أي: أقلقتْهُ وأوجعتْهُ، وجواب لمَّا قوله: ((4)جَمَزَ) أسرعَ هاربًا من القتل (حَتَّى أَدْرَكْنَاهُ بِالحَرَّةِ، فَرَجَمْنَاهُ حَتَّى مَاتَ) وزاد أبو داود والحاكمُ من(5) حديثِ(6) نُعيمٍ أنَّه صلعم قال: «هلَّا تركْتُمُوهُ لعلَّهُ يتُوبُ فيتُوبَ اللهُ عليهِ» وهو حجَّةٌ للشَّافعيِّ ومن وافقَه أنَّ الهارب من الرَّجم إذا كان بالإقرارِ يُكفُّ عنه في الحال، فإن رجعَ سقط عنه الحدُّ، وإلَّا حُدَّ(7).
          وحديث الباب هذا أخرجه مسلمٌ في «الحدود»، والنَّسائيُّ في «الرَّجم».


[1] في (س): «قبيلة».
[2] في (م) و(ص) و(د): «أبك».
[3] في (م) و(د): «لأن».
[4] في (د) زيادة: «هرب» على أنها من المتن ثم أشار لسقوطها من اليونينية في نهاية شرح النص.
[5] في (س): «في».
[6] في (ص) زيادة: «أبي».
[7] في (د) زيادة: «وسقط في اليونينية قوله هرب».