إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: ما بال دعوى أهل الجاهلية دعوها فإنها خبيثة

          3518-وبه قال: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ) غيرُ منسوبٍ، وهو ابنُ سَلَام كما جزم به أبو نُعيم في «مستخرجه» والدمياطيُّ وغيرُهما، قال: (أَخْبَرَنَا مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ) بفتح الميم وسكون المعجمة، و«يزيد» مِنَ الزيادة، الحرانيُّ الجزريُّ قال: (أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ) عبدُ الملك بنُ عبد العزيز المكِّيُّ (قَالَ: أَخْبَرَنِي) بالإفراد (عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ) القُرشيُّ المكِّيُّ (أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا) هو ابنُ عبد الله الأنصاريَّ ( ☺ يَقُولُ: غَزَوْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلعم ) غزوةَ المُريسيع سنة ستٍّ (وَقَدْ ثَابَ) بالمثلَّثة والموحَّدة بينهما ألفٌ، اجْتَمَعَ، أو رَجَعَ (مَعَهُ نَاسٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ حَتَّى كَثُرُوا، وَكَانَ مِنَ المُهَاجِرِينَ رَجُلٌ) هو جَهْجَاه بن قيسٍ الغِفاريُّ (لَعَّابٌ) بلامٍ مفتوحة فعينٍ مهملةٍ مشدَّدةٍ وبعدَ الألف موحَّدة، أي: مزَّاحٌ، بصيغة المبالغة من اللعب، وقيل: كان يلعب بالحِرابِ كالحبشة (فَكَسَعَ) بفتح الكاف والمهملتين، ضَرَبَ (أَنْصَارِيًّا) هو سِنانُ بن وَبْرة حليفُ بني سالمٍ الخزرجيُّ على دُبُرِه (فَغَضِبَ الأَنْصَارِيُّ غَضَبًا شَدِيدًا حَتَّى تَدَاعَوْا) بسكون الواو بعد فتح العين، كذا في الفرع بصيغة الجمع، أي: استغاثوا بالقبائل يستنصرون بهم على عادة الجاهليَّة، وقال في «الفتح»: وفي بعض النسخ عن أبي ذرٍّ: ”تداعَوَا“ بفتح العين والواو بالتثنية، والمشهورُ في هذا تداعَيَا بالياء عوض الواو (وَقَالَ الأَنْصَارِيُّ: يَا لَلْأَنْصَارِ) ولأبي ذر: ”يالَ الأنصارِ“ بفصل اللامِ (وَقَالَ المُهَاجِرِيُّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ) ولأبي ذر: ”يالَ المهاجرينَ“ بالفصل أيضًا (فَخَرَجَ النَّبِيُّ صلعم ) عليهم (فَقَالَ: مَا بَالُ دَعْوَى أَهْلِ الجَاهِلِيَّةِ، ثُمَّ قَالَ: مَا شَأْنُهُمْ؟ فَأُخْبِرَ بِكَسْعَةِ المُهَاجِرِيِّ الأَنْصَارِيَّ، قَالَ) جابرٌ: (فَقَالَ النَّبِيُّ صلعم : دَعُوهَا) يعني: دعوة الجاهليَّة (فَإِنَّهَا خَبِيثَةٌ) قبيحةٌ منكرةٌ مؤذيةٌ، لأنَّها تؤدِّي إلى الغضب والتقاتل في غير الحقِّ، وتؤولُ إلى النار (وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ) بالتنوين (ابْنُ سَلُولَ) بالرفعِ صفةٌ لـ «عبد الله» وفتح اللام، و«سلول» أُمُّه، رأسُ المنافقين (أَقَدْ) بهمزة الاستفهام (تَدَاعَوْا عَلَيْنَا؟) بفتح العين وسكون الواو، أي: استغاث المهاجرون علينا (لَأَنْ) بألفٍ مهموزة بعد اللام المفتوحة، ولأبي ذرٍّ: ”لَئِنْ(1)“ بياءٍ تحتيَّةٍ‼ بدل الألفِ (رَجَعْنَا إِلَى المَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ) يريدُ نفسَه (مِنْهَا الأَذَلَّ) يريدُ النبيَّ صلعم وأصحابه (فَقَالَ عُمَرُ) ☺ : (أَلَا) بالتخفيف (تَقْتُلُ) بالمثناة الفوقية في الفرع، وزاد في «الفتح» فقال: وبالنون، وهو الذي في «اليونينية» (يَا رَسُولَ اللهِ) ولأبوي ذرٍّ والوقت: ”يا نبيَّ الله“ (هَذَا الخَبِيثَ؟ لِعَبْدِ اللهِ) بنِ أُبيّ، واللَّامُ متعلِّقٌ بقوله: «قال عمر» أي: قال(2) لأجل عبد الله، أو للبيان نحو: {هَيْتَ لَكَ}[يوسف:23] وقال الكِرمانيُّ: وفي بعضِها: ”يعني: عبدَ الله“ (فَقَالَ النَّبِيُّ صلعم : لَا) يُقتَل(3) (يَتَحَدَّثُ النَّاسُ) استئنافٌ لا تعلُّقَ له بقوله: «لا» (أَنَّهُ) يريدُ نفسَه الشريفةَ صلعم (كَانَ يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ) أي: في ذلك، كما قال أبو سليمان(4): تنفير الناس عن الدخول في الدين / بأن يقولوا لإخوانهم: ما يُؤمِنُكم إذا دخلتمُ في دِينهِ أنْ يدَّعيَ عليكم كفرَ الباطنِ، فيستبيحَ بذلك دماءَكم وأموالَكم.
          وهذا الحديث من أفراد البخاريِّ [خ¦4905] [خ¦4907].


[1] «لئن»: ليس في (ص).
[2] «قال»: ليس في (د)، وضرب عليها في (م)، وزيد بعدها في (ص): «عمر».
[3] في غير (د): «تقتل».
[4] أعلام الحديث لأبي سليمان الخطابي (3/1586).