إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث المغيرة في المسح على الخفين

          203- وبالسَّند قال: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ) بفتح العين، ابن فرُّوخ، بالفاء المفتوحة وضمِّ الرَّاء المُشدَّدة وفي آخره مُعجَمة (الحَرَّانِيُّ) بفتح الحاء المُهمَلة وتشديد الراء وبعد الألف نون، نسبةً إلى حرَّان، مدينةٌ قديمةٌ بين دجلة والفرات (قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ) بن سعدٍ، الإمام المصريُّ (عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ) بالمُثنَّاة التَّحتيَّة، الأنصاريِّ (عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ) بسكون العين، ابن عبد الرَّحمن بن عوفٍ (عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ) أي: ابن مطعمٍ (عَنْ عُرْوَةَ بْنِ المُغِيرَةِ) بن شعبة (عَنْ أَبِيهِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ ☺ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلعم أَنَّهُ خَرَجَ لِحَاجَتِهِ) في غزوة تبوك عند صلاة الفجر كما في «المُوطَّأ» و«مُسنَد الإمام أحمد» و«سنن أبي داود» من طريق عبَّاد بن زيادٍ عن عروة بن المغيرة (فَاتَّبَعَهُ المُغِيرَةُ) بتشديد المُثنَّاة الفوقيَّة (بِإِدَاوَةٍ) بكسر الهمزة، أي: مِطْهَرةٌ (فِيهَا مَاءٌ، فَصَبَّ) المغيرة (عَلَيْهِ) زاده الله شرفًا لديه (حِينَ فَرَغَ مِنْ حَاجَتِهِ / ، فَتَوَضَّأَ) فغسل وجهه ويديه، كذا عند المؤلِّف في «باب الرَّجل يُوضِّئ(1) صاحبه» [خ¦182] وله في «الجهاد» [خ¦2918]: «أنَّه تمضمض واستنشق وغسل وجهه»، زاد الإمام أحمد: «ثلاث مرَّاتٍ، فذهب يخرج يديه(2) من كمَّيه، فكانا ضيقين(3) فأخرجهما من تحت الجُبَّة»، ولـ «مسلم» من وجهٍ آخر: «وألقى الجبَّة على منكبيه»، وللإمام أحمد: «فغسل يده اليمنى ثلاث مرَّاتٍ، ويده اليسرى ثلاث مرَّاتٍ»(4)، وللمصنِّف: «ومسح برأسه» [خ¦182] (وَمَسَحَ عَلَى الخُفَّيْنِ) والسُّنَّة: أن يمسح على أعلاهما السَّاتر لمشط الرِّجل وأسفلهما(5) خطوطًا بالأصابع(6)، وكيفيَّة ذلك: أن يضع يده اليسرى تحت العقب واليمنى على ظهر الأصابع، ثمُّ يُمِرُّ اليمنى إلى ساقه واليسرى إلى أطراف الأصابع من تحتٍ، مفرِّجًا بين أصابع يده، ولا يُسنُّ استيعابه بالمسح، ويُكرَه تكراره، وكذا غسل الخفِّ، ولو وضع يده المبتلَّة عليه ولم يُمِرَّها أو قطر عليه أجزأه، ويكفي مُسمَّى مسحٍ يحاذي الفرض من ظاهر الخفِّ دون باطنه الملاقي للبشرة، فلا يكفي _كما قال في «شرح المُهذَّب»_ اتِّفاقًا، ولا يكفي مسح أسفل الرِّجل وعقبها على المذهب لأنَّه لم يردِ الاقتصار على ذلك كما ورد الاقتصار‼ على الأعلى، فيقتصر عليه وقوفًا على محلِّ الرُّخصة، وحرفه كأسفله فلا يكفي الاقتصار عليه لقربه منه، وهلِ المسح على الخفِّ أفضل أم غسل الرِّجل أفضل(7)؟ قال في آخر «صلاة المسافر» مِنَ «الرَّوضة» بالثَّاني، ولا يجوز المسح عليه في الغُسل، واجبًا كان أو مندوبًا، كما نقله في «شرح المُهذَّب» لما(8) في حديث صفوان عند التِّرمذيِّ وصحَّحه قال: «كان رسول الله صلعم يأمرنا إذا كنَّا مسافرين أو سفرًا ألَّا ننزع خفافنا ثلاثة أيَّامٍ ولياليهنَّ إلَّا من جنابةٍ»، فدلَّ الأمر بالنَّزع على عدم جواز المسح في الغُسل والوضوء لأجل الجنابة، فهي مانعةٌ من المسح.
          ورواة هذا الحديث السَّبعة ما بين حرَّانيٍّ ومصريٍّ(9) ومدنيٍّ، وفيه: أربعةٌ مِنَ التَّابعين على الولاء: يحيى وسعدٌ ونافعٌ وعروة، والتَّحديث والعنعنة، وأخرجه المؤلِّف في مواضع مِنَ «الطَّهارة» [خ¦206] وفي «المغازي» [خ¦4421] وفي «اللِّباس» [خ¦5798]، ومسلمٌ في «الطَّهارة» و«الصَّلاة»، وأبو داود والنَّسائيُّ وابن ماجه في «الطَّهارة».


[1] في (ص) و(م): «يوصي»، وهو تصحيفٌ.
[2] في (ص): «كفَّيه».
[3] في (ص): «ضيقتين».
[4] قوله: «ويده اليسرى ثلاث مرَّاتٍ» سقط من (د).
[5] في (م): «أسفلها».
[6] «بالأصابع»: سقط من (س).
[7] «أفضل»: سقط من (ص) و(م).
[8] في (د): «كما».
[9] في (د) و(م): «بصريٌّ»، وهو تحريفٌ.