إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: بينا أنا نائم أتيت بقدح لبن

          82- وبالسَّند إلى المؤلِّف قال: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ ابْنُ عُفَيْرٍ) بضمِّ العين المُهمَلَة وفتح الفاء وسكون المُثنَّاة التَّحتيَّة آخره راءٌ (قَالَ: حَدَّثَنِي) بالإفراد، وفي رواية أبي ذَرٍّ: ”حدَّثنا“ (اللَّيْثُ) بن سعدٍ، إمام المصريِّين (قَالَ: حَدَّثَنِي) بالإفراد (عُقَيْلٌ) بضمِّ العين وفتح القاف وسكون المُثنَّاة التَّحتيَّة، ابن خالدٍ الأَيْلِيُّ؛ بفتح الهمزة، وفي رواية أبي ذَرٍّ: ”عن عُقيلٍ“ وفي «فتح الباري»: وللأَصيليِّ وكريمة: ”حدَّثني اللَّيث: حدَّثني عقيلٌ“ (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) / محمَّد بن مسلمٍ الزُّهريِّ (عَنْ حَمْزَةَ) بالمُهمَلَة والزَّاي (بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ) بن الخطَّاب، المُكنَّى بأبي عُمارة _بضمِّ العين_ القرشيِّ العدويِّ المدنيِّ التابعيِّ (أَنَّ ابْنَ عُمَرَ) ☻ (قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ) أي: كلامه ( صلعم ) حال كونه (قَالَ) وفي رواية أبي ذَرٍّ والأَصيليِّ وابن عساكر: ”يقول“: (بَيْنَا) بغير ميمٍ (أَنَا) مبتدأٌ، وخبره: (نَائِمٌ(1) أُتِيتُ) بضمِّ الهمزة، وهو جواب «بينا» (بِقَدَحِ لَبَنٍ، فَشَرِبْتُ) أي: من اللَّبن (حَتَّى إِنِّي) بكسر همزة «إنَّ» لوقوعها بعد «حتَّى» الابتدائيَّة، أو فتحها على جعلها جارَّةً (لَأَرَى) بفتح الهمزة مِنَ الرُّؤية (الرِّيَّ) بكسر الرَّاء وتشديد الياء، كذا في الرِّواية، وزاد الجوهريُّ حكاية الفتح أيضًا، وقِيلَ: بالكسر الفعل، وبالفتح المصدر (يَخْرُجُ فِي أَظْفَارِي) في محلِّ نصبٍ مفعول(2) ثانٍ لـ «أرى» إن قُدِّرَتِ الرُّؤية بمعنى العلم، أو حالٌ إن قُدِّرت بمعنى الإبصار، وفي رواية ابن عساكر(3) والحَمُّويي: ”من أظفاري“ وللمؤلِّف في «التَّعبير»(4) [خ¦7007] «من أطرافي»، ويجوز أن تكون «في» هنا بمعنى «على» أي: على أظفاري كقوله تعالى: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ }[طه:71] أي: عليها، ويكون بمعنى: يظهر عليها، و«الظُّفْر» إمَّا منشأ الخروج أو طرفه(5)، وقال: «لَأَرى» بلفظ المضارع لاستحضار هذه الرُّؤية للسَّامعين، و«اللَّام» فيه هي الدَّاخلة في خبر «إنَّ» للتَّأكيد كما في قولك: إنَّ زيدًا لَقائمٌ، أو هي لام جواب قَسَمٍ محذوفٍ، ورُدَّ: بأنَّه ليس بصحيحٍ فليس فيه قَسَمٌ صريحٌ ولا مُقدَّرٌ. انتهى. وعبَّر بـ «يخرج» المضارع موضع الماضي لاستحضار صورة الرُّؤية للسَّامعين، وجعل «الرِّيِّ» مرئيًّا له تنزيلًا له منزلة الجسم، وإلَّا فالرِّيُّ لا يُرَى، فهو استعارةٌ أصليَّةٌ (ثُمَّ أَعْطَيْتُ فَضْلِي) أي: ما فضل من لبن القدح الذي شربت منه (عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ) ☺ ، مفعولُ «أعطيت» الثَّاني (قَالُوا) أي: الصَّحابة (فَمَا أَوَّلْتَهُ) أي: عبَّرته (يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ) أوَّلتُه (العِلْمَ) بالنَّصب، ويجوز الرَّفع، خبر مبتدأٍ محذوفٍ، أي: المُؤوَّل به العلم، ووجه تفسير «اللَّبن» بـ «العلم»: الاشتراك في كثرة النَّفع بهما، وكونهما سببًا للصَّلاح، ذاك في الأشباح، والآخر في الأرواح، والفاء في «فما أوَّلته» زائدةٌ كهي في قوله تعالى: {فَلْيَذُوقُوهُ }[ص:57] فافهم ذلك.


[1] في (م): «قائم».
[2] في (ص) و(م): «خبر».
[3] في (م): «المُستملي»، وليس بصحيحٍ.
[4] في (ص): «التَّفسير»، وهو تحريفٌ.
[5] في غير (ص): «ظرفه»، وهو تصحيفٌ.