إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين

           ░13▒ هذا (بابٌ) بالتَّنوين (مَنْ) أي: الذي (يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا) بالنَّصب، مفعول «يُرِدِ» المجزوم؛ لأنَّه فعل الشَّرط؛ إذِ الموصول متضمِّنٌ معنى الشَّرط، وكُسِرَ لالتقاء السَّاكنين، وجواب الشَّرط: (يُفَقِّهْهُ) فالهاء ساكنةٌ، وفي روايةٍ للكُشْمِيهَنِيِّ زيادة: ”فِي الدِّينِ“ وهي ساقطةٌ عند الباقين، والفقهُ في الأصل: الفَهْمُ، يُقَال: فَقِه الرَّجل _بالكسر_ يَفْقَهُ فِقْهًا إذا فَهِمَ وعَلِمَ، وفَقُه _بالضَّمِّ_ إذا صار فقيهًا عالمًا، وجعله العُرْفُ خاصًّا بعلم الشَّريعة، ومُخصّصًا بعلم الفروع، وإنَّما خُصَّ علمُ الشَّريعة بالفقه لأنَّه علمٌ مُستنبَطٌ بالقوانين والأدلَّة والأقيسة والنَّظر الدَّقيق؛ بخلاف علم اللُّغة والنَّحو وغيرهما(1)، رُوِيَ: أنَّ سلمان(2) نزل على نبطيَّةٍ بالعراق، فقال لها: هل هنا مكانٌ نظيفٌ أُصَلِّي فيه؟ فقالت: طهِّر قلبك، وصلِّ حيث شئت، فقال: فقِهت، أي: فهمت(3)، وفطنت الحقَّ، ولو قال: علمت، لم يقع هذا الموقع؛ ومفهومه: أنَّ من لم يتفقَّه في الدِّين فقد حُرِمَ الخير.


[1] قوله: «والفقهُ في الأصل: الفهمُ، يُقَال: فَقِه الرَّجل... علم اللُّغة والنَّحو وغيرهما» سقط من (ص).
[2] في (ب) و(س): «سليمان»، وهو خطأ.
[3] «أي فهمت»: سقط من (س).