إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب الخروج في طلب العلم

           ░19▒ هذا (بابُ الخُرُوجِ فِي طَلَبِ العِلْمِ) أي: السَّفر لأجل طلب العلم (وَرَحَلَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ) الأنصاريُّ الصَّحابيُّ ☺ (مَسِيرَةَ شَهْرٍ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ أُنَيْسٍ) بضمِّ الهمزة مُصغَّرٌ، الجُهَنِيِّ، المُتوفَّى بالشَّام سنة أربعٍ وخمسين في خلافة معاوية ☺ (فِي) أي: لأجل (حَدِيثٍ وَاحِدٍ) ذكره المؤلِّف في «المظالم» [خ¦97/32-11034] آخر هذا الصَّحيح بلفظ: ويُذكر عن جابرٍ عن عبد الله بن أُنَيْسٍ: سمعت النَّبيَّ صلعم يقول: «يَحشُرُ الله(1) العباد فيناديهم بصوتٍ...» الحديثَ، ورواه أيضًا في «الأدب المُفرَد» موصولًا، وفيه: «أنَّ جابرًا بلغه عنه حديثٌ سمعه من رسول الله صلعم ، فاشترى بعيرًا ثمَّ شدَّ رحله، وسار إليه شهرًا حتَّى قدم عليه الشَّام، وسمعه منه...» فَذَكَرَه، ورواه كذلك أحمد وأبو يَعلى، لا يُقَال: إنَّ المؤلِّف نقض قاعدته حيث عبَّر هنا بقوله: «ورحل» بصيغة الجزم المقتضية للتَّصحيح، وفي «باب المظالم» [خ¦97/32-11034] بقوله: و«يُذكر» بصيغة التَّمريض، كما ذكره الزَّركشيُّ وحكاه عنه صاحب «المصابيح» من غير تعرُّضٍ له؛ لأنَّ المجزوم به هو الرِّحلة لا الحديث، قال في «فتح الباري»: جزم بالارتحال لأنَّ الإسناد حسنٌ وقد اعتضد، ولم يجزم بما ذكره من المتن لأنَّ لفظ الصَّوت ممَّا يُتوقَّف في إطلاق نسبته إلى الرَّبِّ، ويحتاج إلى تأويلٍ، فلا يكفي فيه مجيء الحديث من طريقٍ(2) مُختلَفٍ فيها ولو اعتُضِدت. انتهى.


[1] اسم الجلالة: ليس في (ص).
[2] في (ب) و(س): «طرق».