الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب صلاة التطوع على الدواب وحيثما توجهت به

          ░7▒ (باب: صَلاة التَّطوُّع عَلى الدَّوَاب...) إلى آخره
          اعلم أنَّ في الصَّلاة على الدَّابَّة خلافيَّاتٍ مِنْ أنَّها هل يعمُّ الفرض والنَّفْل؟ وعلى كليهما هل يعمُّ الحضر والسَّفر؟ وعلى كليهما يختصُّ بالضَّرورة أم لا؟ وأيضًا يُشترط استقبال القبلة عند التَّحريمة أم لا؟ فهذه الصُّوَر كلُّها طويل(1) الباع، سيأتي الكلام على بعضها في الأبواب الآتية إن شاء الله تعالى.
          وفي «الأوجز» قال الباجيُّ: وأكثر العلماء على جواز تنفُّل المسافر باللَّيل والنَّهار على راحلته وعلى الأرض، وبه قال مالك وأبو حنيفة والشَّافعيُّ وابن حنبل [انتهى].
          قال الحافظ: قالَ ابنُ رُشَيدٍ: أورد فيه الصَّلاة على راحلته، فيمكن أن يكون ترجم بأعمَّ ليُلْحِق الحكم بالقياس، ويمكن أن يُستفاد ذلك مِنْ إطلاق حديث جابر المذكور في الباب.
          قال الحافظ: وقد تقدَّم في أبواب الوتر قول ابن المنيِّر: إنه ترجم بالدَّابَّة تنبيهًا على ألَّا فرق بينها وبين البعير في الحكم. انتهى.
          قوله: (حيثمَّا تَوجَّهَت) قال الحافظ: وقد أخذ بمضمون هذه الأحاديث فقهاء الأمصار، إلَّا أنَّ أحمد بن حنبل وأبا ثور استحبَّا أن يستقبل القبلة بالتَّكبير حال ابتداء الصَّلاة. انتهى.
          وذكر الباجيُّ الإمامَ الشَّافعيَّ مع أحمد بن حنبل، وكذا ذكر أهلُ الفروع مِنَ الحنفيَّة اشتراطَ الاستقبال عند الشَّافعيِّ، والظَّاهر أنَّه وَهْم لأنَّ الحافظ أعلم بمذهبه لم يذكر الاستقبال إلَّا عن أحمد.
          وفي «المغني»: إن أمكن افتتاحها إلى القبلة ففيه روايتان:
          إحداهما(2): يلزمه.
          والثَّانية: لا يلزمه. انتهى.
          وهكذا في الفرض عند أحمد روايتان كما صرَّح به [في] «المغني»، وفي «شرح الإقناع»: يجوز ترك القبلة في حالتين:
          الحالة الأولى: في شدَّة الخوف فرضًا كانت أو نَفْلًا.
          والحالة الثَّانية: في النَّافلة في السَّفر. انتهى.
          وفي «الأوجز»: لكنَّ ممَّا يجب التَّنبيه عليه أنَّ قوله: (حيث توجَّهت به) قيدُ احتراز، لا يجوز الصَّلاة على الدَّابَّة إلَّا إلى حيث توجَّهت به، فلو صلَّى إلى غير ما توجَّهت به دابَّته لا يجوز، صرَّح به أصحاب الفروع مِنَ المالكيَّة والحنابلة والحنفيَّة، كما بسط في «الأوجز».


[1] في (المطبوع): ((طويلة)).
[2] في (المطبوع): ((أحدها)).