الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب فضل العمل في أيام التشريق

          ░11▒ (باب: فَضْل العَمَل فِي أيَّام التَّشْرِيْق)
          قال الحافظ: قال ابن بطَّالٍ: المراد بالعمل في أيَّام التَّشريق التَّكبير فقط لأنَّه ثبت أنها أيَّام أكل وشرب وبعال وإباحة اللَّهو بالحراب وغيره، وثبت تحريم صومها، فدلَّ على تفريغها لذلك مع الحضِّ على الذِّكر المشروع منه فيها التَّكبير فقط، ومِنْ ثَمَّ اقتصر المصنِّف على الآثار المتعلِّقة بالتَّكبير، وقال / الكرمانيُّ: العمل لا ينحصر في التَّكبير، بل المتبادر منه أنَّه المناسك مِنَ الرَّمي وغيره لأنَّه لو حمل على التَّكبير وحده لزم التَّكرار بالباب الآتي. انتهى.
          ورجَّح الحافظ قول ابن بطَّالٍ، وأجاب عن التَّكرار بأنَّ التَّرجمة الأولى لفضل التَّكبير، والثَّانية لمشروعيَّته وصفته، أو أراد تفسير العمل المجمل في الأولى بالتَّكبير المصرَّح به في الثَّانية، فلا تكرار(1). انتهى.
          قال القَسْطَلَّانيُّ: أيَّام التَّشريق الثَّلاثة بعد يوم النَّحر، وقيل: يوم النَّحر أيضًا مِنْ أيَّام التَّشريق لأنَّ لحوم الأضاحيِّ كانت تُشرَّق فيها [بمنًى] أي: تُقَدَّد، أو لأنَّها إنَّما تُصلَّى بعد أن تشرق الشَّمس، فصارت تبعًا ليوم النَّحر، أو مِنْ قول الجاهليَّة: أشرقْ ثَبير كيما نغير، وحينئذ فإخراجهم يوم النَّحر منها إنما هو لشهرته بلقب خاصٍّ وهو يوم العيد، وإنَّما هو في الحقيقة تبع له في التَّسمية. انتهى.
          قال ابن رشد في «البداية»: لا خلاف بينهم في أنَّ أيَّام التَّشريق ثلاثة بعد يوم النَّحر إلَّا ما رُوِي عن سعيد بن جبير أنَّه قال: يوم النَّحر مِنْ أيَّام التَّشريق(2). انتهى.
          قوله: (وكان ابن عمر وأبو هريرة يخرجان...) إلى آخره، قالوا: هذا وما بعده لا يناسب التَّرجمة؛ إلَّا أنَّ المصنِّف كثيرًا ما يضيف إلى التَّرجمة أشياء لأدنى مناسبة، وقال الحافظ: الظَّاهر أنه أراد تساوي أيَّام التَّشريق بأيَّام العشر(3). انتهى مِنَ القَسْطَلَّانيِّ.
          والأَوجَهُ عندي: يمكن أن يكون يوم النَّحر عند المصنِّف داخلًا في أيَّام التَّشريق، ويوم النَّحر داخل في أيَّام العشر أيضًا فثبتت المناسبة، والله أعلم.


[1] أنظر فتح الباري:2/460
[2] بداية المجتهد:2/200
[3] إرشاد الساري:2/216