الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب الشرب من قدح النبي وآنيته

          ░30▒ (باب: الشُّرب مِن قَدَح النَّبيِّ صلعم...)
          أي: تبرُّكًا به، قالَ ابنُ المنيِّر: كأنَّه أراد بهذه التَّرجمة دفعَ توهُّمِ مَنْ يقع في خياله أنَّ الشُّرب في قدح النَّبيِّ صلعم بعد وفاته تصرُّف في ملك الغير بغير إذن، فبيَّن أنَّ السَّلف كانوا يفعلون ذلك، لأنَّ النَّبيَّ صلعم لا يُورَث وما تركه هو(1) صدقة، لا يقال: إنَّ الأغنياء كانوا يفعلون ذلك والصَّدقة لا تحلُّ للغنيِّ، لأنَّ الجواب أنَّ الممتنع على الأغنياء مِنَ الصَّدقة هو المفروض منها، وهذا ليس مِنَ الصَّدقة المفروضة.
          قالَ الحافظُ: والَّذِي يظهر أنَّ الصَّدقة المذكورة مِنْ جنس الأوقاف المطلقة، يَنتفع بها مَنْ يحتاج إليها، وتقرُّ تحت يد مَنْ يُؤْتَمَن عليها، ولهذا كان عند سهل قدحٌ، وعند عبد الله بن سلام آخر، والجُبَّة عند أسماء بنت أبي بكر وغير ذلك. انتهى مِنَ «الفتح».
          قلت: لا حاجة إلى هذا البحث الطَّويل، بل الغرض مِنَ التَّرجمةِ الشُّرب مِنْ قَدَحٍ شَرِب منه صلعم تبرُّكًا به أعمُّ مِنْ أن يكون ذلك القدح في ملكه صلعم أم لا؟ وعلى هذا فمطابقة الحديث للتَّرجمة أيضًا ظاهرة، فإنَّ الظَّاهر أنَّ القدح المذكور في أوَّل حديث الباب كان لسهل لا للنَّبيِّ صلعم، [فلا حاجة حينئذ في إثبات المطابقة إلى ما ذكره العلَّامة العينيُّ مِنْ أنَّ هذا القدح في الأصل كان للنَّبيِّ صلعم، انتهى]. فإنَّه خلاف الظَّاهر، بل الظَّاهر أنَّه كان لسهلٍ ☺ ، والله تعالى أعلم.
          وقالَ الحافظُ أيضًا: ومطابقة الحديث بالتَّرجمة ظاهرة مِنْ جهة رغبة الَّذِين سألوا سهلًا أن يخرج لهم القدح المذكورة ليشربوا فيه تبرُّكًا به. انتهى.
          ولم يتعرَّض القَسْطَلَّانيُّ لوجه المطابقة. /


[1] في (المطبوع): ((فهو)).