الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب الأيمن فالأيمن في الشرب

          ░18▒ (باب: الأَيمَن فالأيمَن في الشُّرب)
          هذا مستحبٌّ عند الجمهور، وقالَ ابنُ حزم: يجب، وقوله: (في الشُّرب) يعمُّ الماء وغيره مِنَ المشروبات، ونقل عن مالكٍ وحده أنَّه خَصَّه بالماء، قالَ ابنُ عبد البرِّ: لا يصحُّ عن مالك، وقالَ عِياضٌ: يشبه أن يكون مراده أنَّ السُّنَّة ثبتت في الماء خاصَّة، وتقديم الأيمن في غير شرب الماء يكون بالقياس. انتهى مِنَ «الفتح».
          قلت: وصنيع الإمام مالك في «الموطَّأ» أيضًا يدلُّ على أنَّه لا يقول بتخصيص الماء، فإنَّه قد ترجم فيه: السُّنَّة في الشَّراب وتناوله عن اليمين، وذكر فيه حديث الباب وفيه ذكر اللَّبن.
          وفي «الأوجز»: قالَ الباجيُّ: قوله: (الأيمن فالأيمن) يقتضي أنَّ التيامُنَ مشروع في مناولة الشَّراب والطَّعام وما جرى مجراهما، وفي «العتبيَّة» عن أشهب: يُسْتحبُّ في مكارم الأخلاق أن يبدأ بالأيمن / فالأيمن في الكتاب بالشَّهادات والمجلس والوضوء وما أشبه ذلك. انتهى.
          قلت: ومسألة الباب، أعني: الأيمن فالأيمن إنَّما هو إذا كان الحاضرون مرتبون في الجلوس، وأمَّا إذا كانوا غير مرتَّبين في جلوسهم فالأدبُ حينئذٍ الأكبر فالأكبر، والأسنُّ فالأسنُّ، كما يستفاد ممَّا ورد في حديث السِّواك أنْ ((كَبِّر)) أي: أعط السِّواك أكبَرَهُما، هكذا [قال] ابن رسلان في «شرحه».