الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب الكرع في الحوض

          ░20▒ (باب: الكَرْع فِي الحَوْض)
          اختلفَت الرِّوايات فيه، فقد ورد النَّهي عن الكرع في بعض الرِّوايات عند ابن ماجَهْ كما سيأتي، فلعلَّ المصنِّف أشار إلى ردِّ تلك الرِّوايات، والله أعلم.
          قالَ الحافظُ: الكَرْعُ: تناول الماء بالفم مِنْ غير إناء ولا كفٍّ، وقالَ ابنُ التِّين: حكى أبو عبد الملك أنَّه الشَّراب(1) باليدين معًا، قال: وأهل اللُّغة على خلافه، قلت: ويردُّه ما أخرجَه ابنُ ماجَهْ عن ابن عمر قال: ((مررنا على بِرْكة فجعلنا نَكْرَع فيها، فقال رسول صلعم: لا تَكْرَعُوا ولكن اغسلوا أَيْدِيَكم ثمَّ اشربوا بها...)) الحديث، ولكنْ في سنده ضعف، فإن كان محفوظًا فالنَّهي فيه للتَّنزيهِ، والفعلُ لبيان الجواز، وقصَّة(2) جابر قبل النَّهي، أو النَّهي في غير حال الضَّرورة، وهذا الفعل كان لضرورة شربِ الماء الَّذِي ليس ببارد فيُشْرَب بالكرع لضرورة العطش لئلَّا تَكْرَهُه نفسه إذا تكرَّرَتِ الجُرَع، فقد لا يبلغ الغرض مِنَ الرِّي، أشار إلى هذا الأخير ابن بطَّالٍ، وإنَّما قيل للشُّرب بالفم: كَرْع، لأنَّه فعل البهائم لشربها بأفواهها، والغالب أنَّها تدخل أكارعُها حينئذٍ في الماء، ووقع عند ابن ماجَهْ مِنْ وجهٍ آخرَ عن ابن عمر فقال: ((نَهانَا رَسُول الله صلعم أَنْ نَشْرَب على بُطُونِنَا وهُو الكَرْع)) وسنده أيضًا ضعيف. انتهى [مختصرًا].
          وأمَّا مطابقة الحديث بالتَّرجمة فقد قالَ الحافظُ: وإنَّما قُيِّد في التَّرجمة في الحوض(3) لأنَّ جابرًا أعاد قوله: (وهو يحول الماء) في أثناء مخاطبة النَّبيِّ صلعم الرَّجل مرَّتين، والظَّاهر أنَّه كان ينقله مِنْ أسفل البئر إلى أعلاه، فكأنَّه كان هناك حوضًا يجمعه فيه ثمَّ يحوِّلُه مِنْ جانب إلى جانب. انتهى.


[1] في (المطبوع): ((الشرب)).
[2] في (المطبوع): ((أو قصة)).
[3] في (المطبوع): ((الترجمة بالحوض)).