الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب الخمر من العنب

          ░2▒ (باب: أنَّ الخَمْرَ مِنَ العِنَب)
          كذا في «النُّسخة الهنديَّة» والعينيِّ والقَسْطَلَّانيِّ، وفي نسخة «الفتح»: <باب الخَمْرُ مِنَ العِنَبِ وغَيْرِه>.
          قالَ الحافظُ: كذا في «شرح ابن بطَّالٍ»، ولم أر لفظ: (غَيْرِه) في شيء مِنْ «نسخ الصَّحيح» ولا المستخرجات ولا الشُّروح سواه، قالَ ابنُ المنيِّر: غرضُ البخاريِّ الردُّ على الكوفيِّين إذ فرَّقوا بين ماء العنب وغيره، فلمْ يُحَرِّمُوا مِنْ غيره إلَّا القَدْرَ المُسْكِر خاصَّة، وزعموا أنَّ الخمر ماءُ العنب خاصَّة، قال: لكنْ في استدلاله بقول ابن عمر_يعني الَّذِي أورده في الباب (حُرِّمَت الخَمْرُ ومَا بِالمَدِيْنَةِ مِنْهَا شَيْءٌ)_ على أنَّ الأنبذة الَّتي كانت يومئذٍ تسمَّى خمرًا، نظرٌ، بل هو بأن يدلَّ على أنَّ الخمرَ مِنَ العنب خاصةً أجْدَرُ لأنَّه قال: (ومَا مِنْهَا بِالَمدِينَةِ شَيْءٌ) يعني: الخمر، وقد كانت الأنبذة مِنْ غير العنب موجودةً حينئذٍ بالمدينة، فدلَّ على أنَّ الأَنْبِذَة ليست خمرًا. انتهى.
          قالَ العلَّامةُ السِّنْديُّ: وقد يقال: لعلَّه قصد الرَّدَّ على مَنْ زعم الخصوص بماء العنب على أنَّ ضمير (منها) لخمر العنب خاصَّةً لا لمطلق الخمر بقرينة الرَّدِّ على الزَّاعم، أي: كيف يختصُّ بماء العنب مع أنَّه يوم نزول التَّحريم ما كان في المدينة مِنْ ماء العنب شيء؟! وإنَّما كان الموجود غيره، فلا بدَّ مِنْ شُمُول الاسم بذلك الغير، وهذا أوقع لتَتَبُّع الأحاديث، والله أعلم. انتهى.
          قالَ الحافظُ: ويحتمل أن يكون مراد البخاريِّ بهذه التَّرجمة وما بعدها أنَّ الخمر يُطلق على ما يُتَّخَذُ مِنْ عصير العنب وعلى نبيذ البُسْر والتَّمر ويُطلق على ما يُتَّخذ مِنَ العسل، فعَقَد لكلِّ واحدٍ منها بابًا، ولم يُرِدْ حَصْرَ التَّسمية في العنب بدليل ما أورده بعده، ويُحْتَمَل أن يريد بالتَّرجمة الأولى الحقيقة وبما بعدها المجاز، والأوَّل أظهرُ مِنْ تصرُّفِه، وحاصلُه أنَّه أراد بيان الأشياء الَّتي وردت فيها الأخبار على شرطه لِما يُتَّخَذُ منهُ الخمر، فبدأ بالعِنب لكونه المتَّفق عليه... إلى آخر ما ذكر.