الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب الاشتراك في الهدي والبدن وإذا أشرك الرجل الرجل في هديه

          ░15▒ (باب: الاشْتِرَاك في الهَدْيِ...)
          قالَ القَسْطَلَّانيُّ: الهَدْي: ما يُهدى إلى الحرم مِنَ النَّعم (والبُدْن)_بضمِّ الموحَّدة وسُكُون المهملة_ مِنْ عطفِ الخاصِّ على العامِّ.
          وقوله: (والشَّرِكة في الهدي) قال في «فتح الباري»: فيه بيان أنَّ الشَّرِكة وقعت بعدما ساق النَّبيُّ صلعم الهَدي مِنَ المدينة، وهو(1) ثلاث وستُّون بَدَنة، وجاء عليٌّ مِنَ اليمن إلى النَّبيِّ صلعم ومعه سبع وثلاثون بدنةً، فصار جميع ما ساقه النَّبيُّ صلعم مِنَ الهدي مئة بَدنة، وأشرك عليًّا معه فيها. انتهى.
          وقالَ المهلَّب: ليس في حديث الباب ما ترجم به مِنَ الاشتراك في الهدي بعدما أهدى، بل لا يجوز الاشتراك بعد الإهداء ولا هبتُه ولا بيعُه، والمراد منه ما أهدى عليٌّ مِنَ الهدي الَّذِي كان معه عن رسول الله صلعم، وجعل له ثوابه، فيحتمل أن يفرد بثواب ذلك الهدي / كلِّه فهو شريك له في هديه لأنَّه أهدى عنه ╕ متطوِّعًا مِنْ ماله، ويحتمل أن يُشركه في ثواب هدي واحد فيكون بينهما إذا كان متطوِّعًا، وقال القاضي عِياض: عندي أنَّه لم يكن شريكًا حقيقةً، بل أعطاه قدرًا يذبحه (2). انتهى مختصرًا.
          وكتب الشَّيخ في «اللَّامع»: ولا يجوز الإشراك في الهدي عندنا لوقوعه معيَّنًا منه بنيَّة القُربة فيه، وتأويل ما رُوي أنَّه أشركه في الهدي الَّذِي أتاه به مِنَ اليمن وكأن(3) فيه ما أتى به لهدي نفسه، فكان الإشراك في الهدي لكونه منهما، ومشتركًا بينهما لا في هدي النَّبيِّ صلعم، أو المعنى إشراكه في أجر هديه بإشراكه في الذَّبح وغيره مِنْ حوائجه المتعلِّقة بالهدي.
          وفي «هامشه»: في المسألة تفصيل ففي «الدُّرِّ المختار»: صحَّ اشتراك ستَّة في بدنة شُريت للقربة، لأنَّ ذلك جائز في الضَّحايا، فيجوز هاهنا.
          قال في «الفتح» عن «الأصل» و«المبسوط»: إن اشترى بدنة لمتعة مثلًا، ثمَّ اشترك فيها ستَّة بعدما أوجبها لنفسه خاصَّة لا يسعه لأنَّه لمَّا أوجبها صار الكلُّ واجبًا، بعضها بإيجاب الشَّرع وبعضها بإيجابه، فإنْ فَعل فعليه أن يتصدَّق بالثَّمن... إلى آخر ما بسطه مِنَ التَّفاصيل في ذلك والتَّفريق بين الغنيِّ والفقير، فقول الشَّيخ: لا يجوز الاشتراك(4) في الهدي محمول على هدي التَّطوُّع، وهو مقتضى حديث الباب. انتهى مِنْ «هامش اللَّامع» مختصرًا.


[1] في (المطبوع): ((وهي)).
[2] إرشاد الساري:4/294
[3] في (المطبوع): ((وكان)).
[4] في (المطبوع): ((الإشراك)).