الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب قسمة الغنم والعدل فيها

          ░12▒ (باب: قِسْمَة الغَنَم والعَدْل فِيْهَا)
          قال الحافظ: ذكر فيه حديث عقبة بن عامر، وقد مضى توجيه إيراده في الشَّرِكة في أوائل الوكالة. انتهى.
          وقال في كتاب الوكالة في (باب: وكالة الشَّريك في القسمة): شاهد التَّرجمة منه قوله: (ضحِّ به أنت) فإنَّه عُلِم به أنَّه كان مِنْ جملة مَنْ كان له حظٌّ في تلك القِسمة فكأنَّه كان شريكًا لهم وهو الَّذِي تولَّى القسمة بينهم، وأبدى ابن المنيِّر احتمالًا أن يكون صلعم وَهَب لكلِّ واحد مِنَ المقسوم فيهم ما صار إليه فلا تتَّجه الشَّرِكة، / وأجاب بأنَّه ساق الحديث في الأضاحيِّ مِنْ طريق أخرى بلفظ: ((أنَّه قَسَم بينهم ضَحَايا)) قال: فدلَّ على أنَّه عَيَّن تلك الغَنَم للضَّحَايا فوَهَب لهم جُمْلَتها ثمَّ أمر عُقْبَة بقِسْمَتِها، فيصِحُّ الاستدلال به لِما تَرْجم له. انتهى.
          قالَ القَسْطَلَّانيُّ: وتبويب البخاريِّ بقوله: (قسمة الغنم والعدل فيها) يدلُّ أنَّه فهم أنَّ هذه القسمة هي القسمة المعهودة الَّتي يعتبر فيها تسوية الأجزاء، وفيه نظر... إلى آخر ما ذكره.
          وهكذا قال صاحب «الفيض» مِنْ أنَّها ليست مِنْ شركة الفقه في شيء.
          ولا يذهب عليك أنَّ الإمام البخاريَّ ترجم بثلاث تراجم متقاربة:
          الأولى (باب: قسمة الغنم) كما تقدَّم.
          والثَّانية: هذه.
          والثَّالثة: ما سيأتي مِنْ (باب: مَنْ عَدَلَ عَشرة مِنَ الغنم بجَزور في القَسْم) ولم يتعرَّض الشُّرَّاح للفرق بين هذه الثَّلاثة، فالفرق بين الثَّالثة والأُوليين واضح، وهو أنَّ الغرض مِنَ الثَّالثة أنَّ تعديل عشر شياه ببعير باعتبار القسمة دون الأضحيَّة، ردًّا على مَنِ استدلَّ لهذا الحديث على أنَّ الجزور يجزئ في الأضحيَّة عن عشرة، كما قال به إسحاق وغيره، وأمَّا الفرق بين الأُولَيين فخفيٌّ، ولا يبعد أن يقال: إنَّ غرض الأولى أنَّ قسمة الغنم تكون باعتبار العدد لا القيمة، وإليه أشار الشَّيخ قُدِّس سِرُّه بإهدار التَّفاوت، وبه جزم الحافظ، كما تقدَّم.
          وغرض الثَّانية التَّنبيه على اعتبار العدل فيها مع صرف النَّظر عن التَّفاوت اليسير بخلاف التَّفاوت الفاحش، فإن الحديث الوارد فيها يدلُّ على أنَّ عقبة لم يتعرَّض لتفاوت الغنم، إلَّا أنَّ التَّفاوت بين الغنم والعَتُود لمَّا كان فاحشًا فتعرَّض له وأخبر به النَّبيُّ صلعم [انتهى مِنْ «هامش اللَّامع»].