التلقيح لفهم قارئ الصحيح

حديث: الصلاة أحسن ما يعمل الناس

          695- قوله: (وَقَالَ لَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ): هذا مُحَمَّد بن يوسف الضَّبِّيُّ مولاهم، الفريابيُّ الحافظ، أبو عبد الله، نزيل قَيساريَّة مِن الساحل، ثقة، أخرج له الجماعة، ترجمته معروفة، وله ترجمةٌ في «الميزان»، وقد تقدَّم الفرقُ بينه وبين مُحَمَّدِ بن يوسف البيكنديِّ، وذكرتُ الأبوابَ التي روى فيها البخاريُّ عَنِ البيكنديِّ [خ¦68].
          وقد تقدَّم الكلام على ما إذا قال البخاريُّ: (قال لنا)، أو (قال فلان)، بغير (لي) ولا (لنا) والمعزوُّ إليه القولُ شيخُه، أنَّه يكون أخذه عنه في حال المذاكرة، وكذا إذا قال غيرُ البخاريِّ هذا الكلام، لكن بشرط أن يكون القائلُ: (قال لنا)، أو (قال فلان) غيرَ مُدَلِّس، وقد تقدَّم أنَّ البخاريَّ سالمٌ مِن التدليس [خ¦142]، وتقدَّم كلامُ الحيريِّ [خ¦3/7-116]، وكلامُ غيرِه [خ¦142]، والله أعلم.
          قوله: (حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ): تقدَّم مرارًا، أبو عَمْرو عبدُ الرَّحمن بن عَمرو، وتقدَّم لماذا نُسِبَ، وبعضُ ترجمتِه [خ¦78].
          قوله: (عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ خِيَارٍ): هو بخاء معجمة مكسورة، ثمَّ مُثَنَّاة تحت مخفَّفة، وفي آخره راءٌ؛ كالخِيَار الذي يُؤكَل، وهو نوفليٌّ فقيهٌ، عن عمرَ، وعثمانَ، والكِبَارِ، وعنه: عروةُ، وجعفرُ ابن عَمرو بن أميَّة، وجماعةٌ مدنيُّون، ثقةٌ(1)، قال في «التَّذهيب»: (يقال: مات في خلافة الوليد بن عبد الملك)، انتهى، وقد بُويع الوليدُ بن عبد الملك في شوَّال سنة ستٍّ وثمانين، وتُوُفِّيَ في مُنتصَف جمادى الآخرة سنة ستٍّ وتسعين، فكانت ولايته تسع سنين وتسعة أشهر، والله أعلم.
          قوله: (إِمَامُ عَامَّةٍ): أي: عموم، قاله المُحبُّ الطَّبريُّ.
          قوله: (إِمَامُ فِتْنَةٍ): فيه قولان؛ أحدهما: في وقت فتنة، وثانيهما: إمام الفتنة، هو عبد الرَّحمن [بن] عُدَيْس البَلَويُّ، وهو الذي جَلبَ على عثمان أهلَ مصر، وذُكِر أنَّ القول الأوَّل أصحُّ، بل الأوَّلُ راجعٌ إليه؛ لأنَّه كان إمام هذه الفتنة، وكان هؤلاء لمَّا هجموا [على] المدينة، كان عثمان يخرج فيصلِّي بالنَّاس وهم يصلُّون خلفه شهرًا، ثمَّ خرج في آخر جمعة خرج فيها، فحصبوه حتَّى وقع من(2) المنبر، ولم يقدر أن يصلِّي بهم، فصلَّى بهم يومئذ(3) أبو أمامة بن سهل بن حُنَيف، فمنعوه، وكان يصلِّي بهم ابنُ عُدَيْسٍ تارةً وكنانةُ بن بشر _أحدُ رؤساء الخوارج يومئذٍ_ تارةً، فبقوا على ذلك عشرة أيَّام، ورُوِي: أنَّه حُصِرَ أربعين يومًا، وكان طلحة يصلِّي بهم، وصلَّى بهم أكثر الأيَّام عليٌّ ☻، وليسا المرادَ؛ لأنَّهما إماما هدًى، والسُّؤال إنَّما وقع عن إمام فتنة.
          وقد قال ابن شيخِنا البلقينيِّ: (هو عبد الرَّحمن بن عُدَيْس، نقله ابن عبد البرِّ في «التمهيد» عن ابن وضَّاح وغيره، وذكره ابن القسطلانيِّ، وفي «مرآة الزَّمان» لابن الجوزيِّ: «اختلفوا فيه، فقيل: الغافقيُّ بن حرب العكِّيُّ، وقيل: عبد الرَّحمن بن عُدَيْس، وقيل: كنانة بن بشر»)، انتهى، وصاحب «المرآة»: هو يوسف بن قِزُغْلي سبطُ أبي الفرج ابنِ الجوزيِّ الحافظِ، وهو مُتكلَّمٌ فيه، وله ترجمة في «الميزان»، وذكره أبو العبَّاس ابن تيمية في «الرَّدِّ على الرافضيِّ»، وتكلَّم فيه(4).
          وقال شيخنا الشَّارح: (قال الدَّاوديُّ(5): لم يكن من القائمين على عثمان أحدٌ من الصَّحابة، إنَّما كانت فرقتان؛ فرقةٌ مصريَّةٌ، وفرقةٌ كوفيَّةٌ، فلم يعيبوا عليه شيئًا إلَّا خرج منه بريئًا)، انتهى، وقصُّته ☺ مشهورة معروفة، فلا نُطوِّل بها، وعبد الرَّحمن بن عُدَيْس بن عمرو بن عُبَيد البلويُّ، بايع تحت الشجرة، ترجمته معروفة، وقد ذكره أبو عمر في الصَّحابة وغيرُه، وذكر من طريق ابن لهيعة: أنَّه ممَّن بايع تحت الشجرة رضي الله تعالى عن الصَّحابة(6) أجمعين، وقول الدَّاوديُّ مُتعقَّبٌ؛ مِن أجل عبد الرَّحمن هذا، وقد قال ابن بشكوال في «مبهماته» آخرَ حديثٍ منها إلَّا حديثًا: (البياضيُّ: اسمُه فروةُ بن عمرو البياضيُّ، من بني بياضةَ بنِ عامر بن زُرَيق)، قال ابن بشكوال: (وإنَّما كنَّى عنه الناس؛ لأنَّه ممَّن أعان على عثمان، وهو بدريٌّ)، انتهى، وقد ذكره أبو عمر بن عبد البرِّ في «استيعابه»، فقال: (ولم يسمِّه في «المُوطَّأ»، كان ابن وضَّاح وابن مزين يقولان: إنَّما سكت مالكٌ عن اسمه؛ لأنَّه كان ممَّن أعان على قتل عثمان، قال أبو عمر: هذا لا يُعرَف، ولا وجه لما قالوه من ذلك، ولم يكن لقائلِ هذا علمٌ بما كان مِن الأنصار يوم الدَّار...) إلى آخر كلامه، انتهى.
          قوله: (وَقَالَ الزُّبَيْدِيُّ): تقدَّم أنَّه بضمِّ الزاي، وأنَّه مُحَمَّد بن الوليد، قريبًا.
          قوله: (قَالَ الزُّهْرِيُّ): تقدَّم مرارًا كثيرة أنَّه أبو بكر(7) مُحَمَّدُ بن مُسْلِم بن عُبيد الله بن عَبد الله بن شهاب الزُّهريُّ، العالمُ المشهورُ.
          قوله: (خَلْفَ الْمُخَنِّـَثِ): هو بكسر النُّون وفتحها، والكسر أفصح، والفتح أشهر، ذكرهما غيرُ واحد، منهم: النَّوويُّ في «تهذيبه»، والله أعلم، وسيأتي الكلام على (الخُنَاث)، وأنَّه نوعان، إن شاء الله تعالى وقدَّره [خ¦4324].


[1] (ثقة): سقط من (ج).
[2] في (ج): (في).
[3] (يومئذ): سقط من (ب).
[4] في (ج): (عنه)، وانظر «منهاج السنَّة النبويَّة» ░4/97-98▒.
[5] في (أ) و(ج) و«التَّوضيح» ░6/543▒: (الدَّراوردي)، وفي هامشهما: (لعلَّه: الدَّاودي)، وكالمثبت هو في «شرح ابن بطَّال» ░2/325▒، ولعلَّه هو الصواب؛ لأنَّ المؤلِّف لمَّا تعقَّب كلامه؛ سمَّاه الداودي.
[6] في (ب): (عنهم)، انظر «الاستيعاب» (ص451▒ ░1558▒.
[7] (أبو بكر): سقط من (ج).