التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب جهر الإمام بالتأمين

          (بَابُ جَهْرِ الإِمَامِ بِالتَّأْمِينِ)... إلى (بَاب السُّجُودِ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ)
          قوله: (وَقَالَ عَطَاءٌ: «آمِينَ» دُعَاءٌ): هذا هو عطاء بن أبي رباح، مفتي أهل مكَّة، تقدَّم بعضُ ترجمتِه [خ¦98].
          إن قلت: ما وجه مطابقة قول عطاء للتَّرجمة؟ وجوابُه: أنَّه حَكَم بأنَّ التَّأمينَ دعاءٌ، فيقتضي ذلك أن يقولَه الإمامُ؛ لأنَّه في مقام الدَّاعي بالمأموم، وإنَّما مُنِع الإمامُ عند القائل بالمنع؛ لأنَّه إجابةٌ للدعاء، فمقتضى(1) ذلك أن يجيب بها المأمومُ دعاءَ إمامه، قاله ابن المُنَيِّر، انتهى.
          فائدةٌ: في (آمين) خمس لغات؛ أفصحها: بالمدِّ، ثانيها: القصر، ثالثها(2): بالمدِّ والإمالة، مخفَّفة الميم، رابعها: بالمدِّ، وتشديد الميم، وأُنكِرت، وفي البطلان بها وجه، خامسها: بالقصر والتشديد، وهي غريبة، قال ابن قُرقُول: («آمين»: مطوَّلة ومقصورة، ومخفَّفة ومُشدَّدة، وأنكر أكثر العلماء شدَّ الميم، وأنكر ثعلبٌ قصرَ الهمزة إلَّا في الشِّعر، وصحَّحه يعقوب في الشِّعر وغيره، والنُّون مفتوحة أبدًا؛ مثل: «كيفَ» و«ليتَ»، واختُلِف في معناها؛ فقيل: كذلك يكون، وقيل: هو اسمٌ من أسماء الله تعالى، أصله القصر، فأُدخِلت عليه همزةُ النداء؛ كما يقال: آمين، استجِبْ دعاءنا، وهذا لا يصحُّ(3)، ليس في أسماء الله تعالى اسم مبنيٌّ ولا غير معرَب، مع أنَّ أسماءه لا تثبت إلَّا قرآنًا أو سُنَّةً متواترة، وقد عُدِم الطَّريقان) انتهى(4)، وقد اختار بعضهم ثبوتها بالآحاد، انتهى، قال ابن قُرقُول: (وقيل: «آمين»: درجة في الجنَّة تجب لقائلها، وقيل: هي طابَع الله على عباده يدفع به الآفَات، وقيل: معناها: اللَّهمَّ أُمَّنا بخير، وقيل: معناه: مَن استُجِيب له كما استجاب للملائكة، وقيل: معناه: اللَّهمَّ استجِبْ لنا)(5).
          قوله: (إِنَّ لِلْمَسْجِدِ لَلَجَّةً): (إنَّ): بكسر الهمزة، وهذا ظاهرٌ، و(اللَّجَّة)؛ بفتح اللَّام، وتشديد الجيم: هي اختلاط الأصوات؛ مثل: اللَّجَبة، و(اللَّجَبة): رواية في هامش أصلنا، وهي بفتح اللَّام والجيم، وفي هامش أصلنا مُسكَّنة الجيم بالقلم.
          قوله: (وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُنَادِي الإِمَامَ): أفاد ابن شيخِنا البلقينيِّ عن «طبقات ابن سعد» وذكرَ السَّند بذلك: أنَّ الإمامَ العلاءُ بنُ الحَضْرميِّ، وقال شيخنا: (رواه ابن حزم من طريق أبي سلمة عن أبي هريرة: أنَّه كان مُؤذِّنًا للعلاء بن الحضرميِّ بالبحرين، فاشترط عليه ألَّا يسبقه بـ«آمين»)، انتهى، وقال قبله: (رواه البيهقيُّ من حديث أبي رافع: أنَّ أبا هريرة كان يُؤذِّن لمروان بن الحكم، فاشترط أن لا يسبقه بـ {الضَّالِّينَ} حتَّى يعلم أنَّه قد دخل الصَّفَّ، وكان إذا قال مروان: {وَلاَ الضَّالِّينَ}؛ قال أبو هريرة: «آمين» يمدُّ بها صوتَه) انتهى(6).
          قوله: (لَا تَفُتْنِي بِآمِينَ): وفي رواية: (لا تسبِقْني)، قال شيخنا: قال ابن بطَّال: (معناه: لا تُحرِم بالصَّلاة حتَّى أفرغَ من الإقامة؛ لئلَّا تسبقني بقراءة أمِّ القرآن، فيفوتَني التَّأمينُ معك، وهو حجَّة للحنفيَّة في قولهم: «إذا بلغ المؤذِّن في الإقامة: قد قامت؛ وجب على الإمام الإحرام»، والفقهاء على خلافهم؛ لأنَّهم لا يرَون إحرام الإمام إلَّا بعد تمام الإقامة وتسوية الصفوف).
          قوله: (فِي ذَلِكَ خَيْرًا): هو في أصلنا بالمُثَنَّاة تحتُ، وفي الهامش نسخة: (خبرًا) بالمُوَحَّدة، واحد الأخبار، وذكره شيخنا عن ابن التِّين بهما، وبعضهم ذكر: (خيرًا) _بالمُثَنَّاة_ للجمهور، قال: (وعند أبي ذرٍّ بمُوَحَّدة مفتوحة)، قال: (وهو أَولى).


[1] في (ب): (فيقتضي).
[2] في (ج): (وثالثها).
[3] (لا يصحُّ): سقط من (ب).
[4] انظر «مطالع الأنوار» ░1/290- 291▒.
[5] انظر «مطالع الأنوار» ░1/291▒.
[6] في (ج): (آمين)، «التوضيح» ░7/122▒، وانظر «السنن الكبرى» ░2/58▒.