التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب بسط الثوب في الصلاة للسجود

          ░9▒ بَابُ بَسْطِ الثَّوْبِ فِي الصَّلاة لِلسُّجُودِ.
          1208- ذَكَر فيه حديث أنسٍ: (كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صلعم فِي شِدَّةِ الحَرِّ...). الحديث.
          هذا الحديث سلف في باب السجودِ على الثوب في شدَّة الحرِّ، وكانوا لا يُصَلُّون على الثياب إلَّا عند الضرورة، وذلك أنَّ السجود في الصَّلاة موضعُ خشوعٍ وتواضعٍ، فإذا ألصَقَ وجهه بالأرض كان آكدُ ما يفعله مِن التواضع. وحكمُ ما أنبتَته الأرض _وكان باقيًا على صفته الأصلية مثل: الخُمرةِ والحصيرِ وشبههِما_ حكمُ الأرض لا كراهة في ذلك، وأمَّا ما أنبتَته الأرضُ وانتقل عن صِفته الأصلية كثياب القطن والكتَّان مشهورُ مذهب مالكٍ كراهةُ ذلك إلَّا في حرٍّ أو بردٍ.
          وأجاز ابن مَسْلَمةَ أن يسجد على ثياب القطن والكتَّان، وجه الأوَّل حديث الباب، ووجه الثاني مراعاة الأصل، وذلك أنَّ نباتَهُ مِن الأرض، ومنها خرج فلا يُراعَى ما طرأ عليه بعدُ. وأمَّا الطَّنافس وثياب الصُّوف وشبه ذلك ممَّا لم تُنبته الأرض فيُكره السجود عليه عندهم قطعًا، إلا أن يكون مِن حرٍّ أو بردٍ.
          وهذا الباب أيضًا مِن العمل اليسير في الصَّلاة، وهو مستجازٌ لأنَّه مِن أمور الصَّلاة، وقد أمر الشَّارع بالإبراد مِن الحرِّ ولئلَّا يتعذَّب الناسُ بفَيح جهنم، ولا يتمكَّن مِن السجود ولا المبالغة فيه في زمن الحرِّ، إلَّا أن يتَّقيهِ بثوبه لشدِّة حرِّ الحجارة. وقد ترجم لحديث أنسٍ في البابين أيضًا.