التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب من رجع القهقرى في صلاته أو تقدم بأمر ينزل به

          ░6▒ بابُ مَن رَجَعَ القَهْقَرى في صَلَاتِهِ، أو تقدَّم بأمرٍ يَنْزِلُ بِهِ.
          رواه سَهْلُ بن سَعْدٍ، عن النَّبيِّ صلعم.
          1205- وعن أنسٍ: (أَنَّ الُمسْلِمِيْنَ بَيْنَا هُمْ فِي الفَجْرِ يَوْمَ الإثْنَيْنِ، وَأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِهِمْ...) الحديث.
          أمَّا حديث سَهلٍ فسلف قريبًا، وفيه: ((لَمَّا جاء النَّبيُّ صلعم واتَّصل بالصَّفِّ رجع أبو بكرٍ القَهْقَرى، وتقدَّم رسولُ الله صلعم)). وهذا إن كان حين وصل إلى الصَّفِّ دخل في الصَّلاة، ثمَّ تقدم إلى موضع أبي بكرٍ، فهو فِعلٌ في الصَّلاة.
          وحديث أنسٍ: أنَّ الصِّدِّيق لَمَّا أحسَّ بمجيء رسول الله صلعم نكصَ على عقبيه. واعتراض شيخنا قطبُ الدِّين هنا ليس بطائلٍ. وحديث أنسٍ مِن أفراده. وزاد أحمد بن جميلٍ المروزيُّ مع يُونُس مَعْمَرًا، أخرجه الإسماعيليُّ وأبو نُعَيمٍ.
          وعبد الله فيه هو: ابن المبارك. وشيخ البخاريِّ بِشرُ بن محمَّد المروزيُّ سَلَفَ في باب الوحي، مات سنة أربع وعشرين ومائتين.
          وهذه الصَّلاة هي الفجر كما صرَّح به في الحديث. والتي غُلِبَ عليها وقال: ((مُروا أبا بكرٍ)) هي العِشاء، والصَّلاة التي خرج يُهادَى بين رجلين هي الظهر.
          وقوله: (فَفَجَأَهُمُ) قال ابن التِّين: كذا هو في الكتب بالألف، وحقيقته أن يُكتب بالياء، لأنَّه مكسور العين، فهو مثل: وطِئَهم، وكذا هو بخطِّ الدِّمياطيِّ.
          وفيه: أنَّ التقدُّم والتأخُّر لِمَا ينزل بالمصلِّي جائزٌ.
          وفيه تفسيرٌ لحديث أبي بكرةَ: ((زَادَكَ اللهُ حِرْصًا وَلاَ تَعُدْ)) أنَّ ذلك لم يُرِد بقوله: ((لاَ تَعُدْ)) أنَّ صلاتك لا تجزئك لأنَّه لم يأمره بالإعادة، إذْ لا فرق بين مَشي القائم _كما هو في هذا الحديث_ وبين مشي الراكع كما في حديث أبي بكْرة، فلمَّا لم تنتقض صلاة الصِّدِّيق بتأخُّره وتقدُّمِهِ / عُلِم أن الراكع أيضًا إذا تقدَّم أو تأخَّر لا تبطل صلاته.
          وفيه: جواز مخاطبة مَن ليس في صلاةٍ لمن هو في صلاة، وجوازُ استماع المصلِّي إلى ما يخبره به مَن ليس في صلاةٍ، ألا ترى أنَّه صلعم لَمَّا أشار إليهم بيده: (أَنْ أَتِّمُّوْا صَلَاتَكُمْ). سمعوا منه وأكملوا صلاتَهم ولم يضرُّهم ذلك. قال ابن بطَّالٍ: وهو قول مالكٍ.
          وقوله: (كَشَفَ سِتْرَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ) كذا في أصل الدِّمياطيِّ بخطِّه.
          وقال الشيخ قطب الدِّين: في سماعنا إسقاط لفظ: (حُجْرَةِ) وفي الإسماعيليِّ وأبي نُعَيمٍ إثباتها.