التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب مسح الحصى في الصلاة

          ░8▒ بابُ مَسْحِ الحَصَى في الصَّلَاةِ.
          1207- ذَكَر فيه حديثَ مُعَيْقِيبٍ: (أَنَّ النَّبِيَّ صلعم قَالَ: فِي الرَّجُلِ يُسَوِّي التُّرَابَ حَيْثُ يَسْجُدُ، قَالَ: إِنْ كُنْتَ فَاعِلًا فَوَاحِدَةً).
          هذا الحديث أخرجه مسلمٌ، والأربعة أيضًا، وليس لمعيقيبٍ في «الصحيحين» غيرُه، وقيل: إنَّه ابن أبي فاطمة الدَّوسيُّ، لم يكن في الصَّحابة أجذم غيرُه، حكاه ابن التِّين. وكان عمرُ جعله على بيت المال، وكان يأكل معه ويقول له: كُلْ ممَّا يليك.
          وقوله: (إِنْ كُنْتَ فَاعِلًا) يدل على أنَّ ترك الواحدة أفضلُ يعني: وهو في الصَّلاة لأنَّه إذا كثُرَ صار عَمَلًا، وترْكُ الواحدة أفضل إن لم يؤذه ما بالمكان. وفي «الموطَّأ» عن أبي ذرٍّ: مَسْحُ الحصى مسحةً واحدة، وتركُها خير مِن حُمْرِ النَّعَم. أي: يتصدَّق بها، قاله سُحنُون والأوزاعيُّ وغيرهما. أو أن يستديم ملكها ويقتنيها، كما ذكره أبو عبد الملك. ولا شكَّ في العفو عن العمل القليل، وإليه الإشارة بقوله: (فَوَاحِدَةٌ). وروي عن جماعةٍ مِن السلف أنهم كانوا يمسحون الحصى لموضع سجودهم مرَّةً واحدةً، وكرهوا ما زاد عليها، رُوي ذلك عن أَبي مسعود وأبي ذرٍّ وأبي هُرَيرةَ، وهو قول الأوزاعيِّ والكوفيِّين. ورُوي عن ابن عُمَرَ أنَّه كان إذا أهوى ليسجد مَسَحَ الحصى مسحًا خفيفًا، وكان مالكٌ لا يرى بالشيء الخفيف منه بأسًا.
          وقال ابن جُرَيجٍ: قلت لعطاء: أكانوا يشدِّدون في مسح الحصى لموضع الجبين ما لا يشدِّدون في مسح الوجه مِن التراب؟ قال: أجل، وإنما أُبيح مسحُ الحصى مرَّةً وهو يسيرٌ لأنَّ المصلِّي لا يعمل بجوارحه في غير الصَّلاة، ومسحُ الحصى ليس مِن الصَّلاة، فلا ينبغي له ذلك، ولا أن يأخذَ شيئًا ولا أن يضَعَهُ، فإن فعل لم تبطل ولا سهوَ عليه.