التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب: لا يدري متى يجيء المطر إلا الله

          ░29▒ بَابُ لَا يَدْرِي مَتَى يَجِيءُ الْمَطَرُ إلَّا اللهُ.
          وقال أَبُو هُرَيرةَ عن النَّبِيِّ صلعم: (خَمْسٌ لاَ يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا اللهُ..).
          هذا التعليق سَلف في باب سؤال جبريلَ عن الإيمان والإسلام.
          1039- ثمَّ ساق عن محمَّد بن يوسف، حدَّثنا سُفْيَانُ عن عَبْدِ اللهِ بن دِينَارٍ عن ابن عُمَرَ قالَ: قال النَّبِيُّ صلعم: (مِفْتَاحُ الغَيْبِ خَمْسٌ لاَ يَعْلَمُهَا إِلَّا اللهُ...) الحديث.
          وأخرجه أيضًا في التفسير، وأخرجه النَّسائيُّ في «النُّعوت» مِن طريق سُفيان الثوريِّ عن عبد الله بن دينار به، ورواه عن ابن عمر ولدُه سالم كما ستعلمه في سورة الرَّعد ولقمان مِن التفسير إن شاء الله.
          و(محمَّد بْنُ يُوسُفَ) هذا هو الفِرْيَابِيُّ كما صرَّح به أبو نُعَيمٍ، ثمَّ قال: رواه _يعني: البخاريَّ_ عن الفِرْيَابِيِّ. وإذا كان الفِرْيَابِيُّ فسُفيان هو الثوريُّ، وبه صرَّح أصحاب الأطراف، وإن كان سُفيان بن عُيَينة روى عن ابن دينارٍ لكِنْ الفِرْيابيُّ لا يروي إلَّا عن الثوريِّ، وقد سبق بيان هذا الحديث فيما أسلفناه، ويأتي في التفسير أيضًا [خ¦4697].
          وقوله: (لَا يَدْرِيْ أَحَدٌ مَتَى يَجِيْءُ الْمَطَرُ) يدلُّ على صِحَّةِ التأويل السَّالف في الباب قبله أنَّ نسبة الغيث إلى الأنواء كُفرٌ، لأنَّه صلعم قد أخبر أنَّهُ لا يعلم متى يجيء المطر إلَّا الله، فلو كان الغيث مِن قِبَل الأنواء لعلم متى يكون المطر على ما رسمه أهل الجاهليَّةِ في الأنواء، وقد وجدنا خلاف رسمهم في ذلك بالشهادة، وذلك أنَّه مِن فعلِ الله وحدَهُ.
          ومصداق هذا الحديث في قوله تعالى: {إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ...} الآية إلى قوله: {تموت} [لقمان:34] وهذه الآية مع هذا الحديث يبطل تخرُّص المنجِّمِين في تعاطيهم علم الغيب، ومَن ادَّعى علْمَ ما أخبر الله به تعالى ورسوله، أنَّ الله منفرد بعلمه وأنَّه لا يعلمه سواه فقد كذَّب الله ورسوله، وذلك كفرٌ مِن قائله.
          وفي حديث آخر: ((وَلَا يَدْرِي أحدٌ مَتَى تَجِيءُ السَّاعَةُ)) ودليله: {إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ}.
          آخر الاستسقاء. ولله الحمد.