التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب من باع مال المفلس أو المعدم فقسمه بين الغرماء

          ░16▒ (بَابُ: مَنْ بَاعَ مَالَ المُفْلِسِ أَو المُعْدِمِ فَقَسَمَهُ بَيْنَ الغُرَمَاءِ أَو أَعْطَاهُ حَتَّى يُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ)
          2403- ذَكر فيه حديثَ جابرٍ في بيع المدبَّر، وقد سلف في باب: بيع المدبَّر [خ¦2534]، ولا يُفهم مِنَ الحديث معنى قوله في التَّرجمة: فقسمَه بين الغرماء؛ لأنَّ الَّذِي باع عليه رَسُول الله _صلعم_ مدبَّرَه لم يكن له مالٌ غيرُه، وذكرَه في الأحكام، ولم يذكر فيه أنَّه كان عليه دينٌ، وإنَّما باع عليه مدبَّرًا لم يكن له مالٌ غيره؛ لأنَّ مِنْ سنته ألَّا يتصدَّق المرءُ بماله كلِّه ويبقى فقيرًا فيتعرَّض لفتنة الفقر، ولذلك قال _◙_: ((خَيرُ الصَّدقةِ مَا كان عن ظهرِ غنًى، وابدأْ بمَنْ تَعول)) وعَوْلُهُ لنفسه أوكدُ مِنَ الصَّدقة، وأمَّا قسمة مال المُفلِس بين الغرماء فهو أصلٌ مجمعٌ عليه إذا قام عليه غرماؤه، وحالَ الحاكم بينه وبين ماله ودفعه لهم، ولا يخرج هذا المعنى مِنْ حديث جابرٍ أصلًا، قاله ابن بَطَّالٍ.
          وقال ابن المنيِّر: احتمل عند البُخَاريِّ دفعُ الثَّمن إليه أن يكون / باعه عليه؛ لأنَّه لم يكن يملك سواه فلمَّا أجحفَ بنفسه تولَّى بيعَه بنفسه لأجل تعلُّق حقِّ التَّدبير، والحقوقُ إذا بطَلت احتيج في فسخها إلى الحكم، فعلى هذا التَّأويل يكون دفعُ الثَّمن إليه حتَّى ينفقَه على نفسه، واحتمل عندَه أن يكون باعه عليه؛ لأنَّه مِدْيانٌ؛ ومالُ المِدْيانِ يُقسَمُ بين الغرماءِ ويكون سلَّمه إليه ليقسمه بين غرمائه، ولهذا ترجم على التَّقديرين.
          قلت: الحديث صريحٌ في الثَّاني، وقدْ قال _◙_ في روايةٍ: ((اقضِ دَينَك))، وبيعُه هو مذهب الشَّافِعيِّ وأحمد، وعند مالكٍ: يردُّه الدَّين الَّذِي قبله.