التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب: لصاحب الحق مقال

          ░13▒ (بَابٌ: لِصَاحِبِ الحَقِّ مَقَالٌ
          وَيُذْكَرُ عَنِ النَّبِيِّ _صلعم_: لَيُّ الوَاجِدِ يُحِلُّ عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَهُ. قَالَ سُفْيَانُ: عِرْضُهُ يَقُولُ: مَطَلْتَنِي وَعُقُوبَتُهُ الحَبْسُ).
          2401- ذكر حديثَ أَبِي هُرَيْرَةَ: (أَتَى النَّبِيَّ _صلعم_ رَجُلٌ يَتَقَاضَاهُ، فَأَغْلَظَ لَهُ، فَهَمَّ بِهِ أَصْحَابُهُ، فَقَالَ: دَعُوهُ فَإِنَّ لِصَاحِبِ الحَقِّ مَقَالًا).
          هذا قد سلف في باب: الحوالة [خ¦2306]، ولا شكَّ أنَّه إذا مَطَله وَهو غنيٌّ فقد ظلمَه، والظُّلم محرَّمٌ وإن قلَّ، وفسَّر الفقهاءُ الحديثَ كما فسَّره سفيانُ وهو كقوله: (إِنَّ لِصَاحِبِ الحَقِّ مَقَالًا) أي بصفة المَطل، وقد جاء في التَّنزيل مصداقُه، قال _تعالى_: {لَا يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} [النساء:148] وهذِه الآية نزلت في مانع الضِّيافة، فأُبيح له أن يقولَ في المانع له إنَّه لئيمٌ وإنَّه لم يَقْرِه، وشبهَ هذا، وقيل: نزلت في مَطل الدَّين، وقيل: في المُكره على الكُفر لأنَّه مظلومٌ، وعقوبتُه بالحبس إذا رُجي له مالٌ أو وفاءٌ بما عليه، فإن ثبت إعسارُه وجبت نَظِرَتُه وحرُم حبسُه لزوال العلَّة الموجبة لحبسه وهي الوِجْدانُ.
          واختُلف في ثابتِ العُسْرة وأُطْلِقَ مِنَ السِّجن: هل يلازمُه غريمُه؟ فقال مالكٌ والشَّافِعِيُّ: لا، حتَّى يثبتَ له مالٌ آخرُ. وقال أبو حَنِيفةَ: لا يمنع الحاكمُ الغُرَماءَ مِنْ لزومه.