شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب: لا يدري متى يجيء المطر إلا الله

          ░29▒ باب لا يَدْرِي مَتَى يَجِيءُ / الْمَطَرُ إِلا اللهُ(1).
          وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلعم: (خَمْسٌ لا يَعْلَمُهُنَّ إِلا اللهُ).
          فيه: ابْنُ عُمَرَ: قَالَ النَّبيُّ صلعم(2): (مَفَاتِحُ(3) الْغَيْبِ خَمْسٌ، لا يَعْلَمُهُنُّ إِلَّا الله(4): لا يَعْلَمُ أَحَدٌ مَا يَكُونُ فِي غَدٍ، وَلا يَعْلَمُ أَحَدٌ مَا يَكُونُ فِي الأرْحَامِ، وَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا، وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ، وَلاَ يَدْرِي أَحَدٌ مَتَى يَجِيءُ الْمَطَرُ). [خ¦1039]
          قوله صلعم: (لاَ يَدْرِي أَحَدٌ مَتَى يَجِيءُ الْمَطَرُ) يدلُّ على صحَّة التَّأويل المتقدِّم في الباب قبل هذا أنَّ نسبة الغيث إلى الأنواء كفرٌ؛ [خ¦1038] لأنَّ النَّبيَّ صلعم قد أخبر أنَّه لا يدري متى يجيء المطر إلَّا الله، ولو كان الغيث من قِبَل الأنواء لعُلم متى يجيء المطر على ما(5) رسمَهُ أهل الجاهليَّة في الأنواء، وقد وجدنا خلاف رسمهم في ذلك بالمشاهدة، وذلك أنَّه(6) من فعل الله وحده لا شريك له، ومصداق هذا الحديث في قوله ╡: {إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ(7)}[لقمان:34]، وهذه الآية مع هذا الحديث(8) تبطل تخرُّص المنجِّمين في تعاطيهم علم الغيب، فمن ادَّعى علم ما أخبر الله ╡ ورسوله صلعم أنَّ الله منفردٌ بعلمه، وأنَّه لا يعلمه سواه ╡ فقد كذَّب الله ورسوله، وذلك كُفرٌ مِن قائله.


[1] قوله: ((باب لا يَدْرِي مَتَى يَجِيءُ الْمَطَرُ إِلا اللهُ)) ليس في (ق).
[2] في (ص): ((قال ◙)).
[3] في (م): ((قال النبي صلعم مفتاح)).
[4] قوله: ((فيه: ابْن عُمَرَ: قَالَ.... لا يَعْلَمُهَن إِلا الله)) ليس في (ق).
[5] في (م): ((متى يكون على ما)).
[6] زاد في (م) و(ق): ((قد تجري الأنواء فلا ينزل معها مطر وقد ينزل المطر مرة [قوله: ((مرة)) ليس في (ق).] بنوء ومرة بغير نوء فدل ذلك أنه)).
[7] قوله: ((وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ)) ليس في (ص) وجاء مكانه ((الآية)).
[8] في (ق): ((وهذه مع الحديث)).