شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب سؤال الناس الإمام الاستسقاء إذا قحطوا

          ░3▒ باب: سُؤَالِ النَّاسِ الإمَامَ الاسْتِسْقَاءَ إِذَا قَحَطُوا.
          فيه: ابْن عُمَرَ قَالَ: (رُبَّمَا ذَكَرْتُ شِعْر أَبِي طَالِبٍ وَأَنَا أَنْظُرُ إلى وَجْهِ النَّبِيِّ صلعم يَسْتَسْقِي(1):
وَأَبْيَضَ يُسْتَسْقَى الْغَمَامُ بِوَجْهـِهِ                     ثِمَالُ الْيَتَامَى عِصْمَةٌ لِلأرَامِـلِ
          فَمَا يَنْزِلُ حَتَّى يَجِيشَ كُلُّ مِيزَابٍ(2) لكَ مِيزَاب). [خ¦1008]
          وفيه أَنَسٌ: أَنَّ عُمَرَ كَانَ إِذَا قَحَطُوا اسْتَسْقَى بِالْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا، فَتَسْقِينَا، وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا، قَالَ: فَيُسْقَوْنَ. [خ¦1010]
          فيه: أنَّ الخروج إلى الاستسقاء والاجتماع(3) والبروز لا يكون إلَّا بإذن الإمام، لما في الخروج والاجتماع من الآفات الدَّاخلة على السُّلطان، وهذه سنن الأمم السَّالفة، قال الله تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إلى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ}[الأعراف:160]، وأمَّا الدُّعاء في أعقاب الصَّلوات في الاستسقاء فجائزٌ بغير إذن الإمام.
          قال المُهَلَّب(4): وموضع التَّرجمة من الحديث(5) قول عمر: (اللَّهُمَّ إنَّا كنَّا نتوسَّل إليك بنبيِّنا) وهو معنى قول أبي طالبٍ:
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه
          وأما استسقاء(6) عمر بالعبَّاس فإنَّما(7) هو للرَّحم الَّتي كانت بينه وبين النَّبيِّ صلعم، فأراد عمر أن يصلها بمراعاة حقِّه، ويتوسَّل إلى من أمر بصلة الأرحام بما وصلوه من رحم العبَّاس، وأن يجعلوا ذلك سبيلًا(8) إلى رحمة الله ╡.
          والثِّمال(9) هو الَّذي يثمل القوم فيكفيهم أمرهم بإفضاله عليهم.


[1] زاد في (ق) و(ص): ((ببيت)).
[2] قوله: ((كل ميزاب)) ليس في (م) و (ق).
[3] في (ص): ((والجماع)).
[4] قوله: ((وقال المهلب)) ليس في (ص).
[5] زاد في (م): ((هو))، و في (ق): ((الترجمة قول)).
[6] في (م): ((استسقى)).
[7] في (ز): ((وإنما)) والمثبت من باقي النسخ.
[8] في (م) و(ق): ((سببًا))، في (ص): ((السبب)).
[9] في (ق): ((والثامل)).