شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب: إذا باع الوكيل شيئًا فاسدًا فبيعه مردود

          ░11▒ بَابٌ إِذَا بَاعَ الوَكِيلُ(1) بيعًا فَاسِدًا فَبَيْعُهُ مَرْدُودٌ
          فيهِ أَبُو سَعِيْدٍ قَالَ(2): (جَاءَ بِلاَلٌ إِلَى النَّبيِّ صلعم، بِتَمْرٍ بَرْنِيٍّ، فَقَالَ لَهُ النَّبيُّ صلعم: مِنْ أَيْنَ هَذَا؟ قَالَ بِلاَلٌ: كَانَ عِنْدَي تَمْرٌ رَدِيٌّ فَبِعْتُ مِنْهُ صَاعَيْنِ بِصَاعٍ لِنُطْعِمَ النَّبيَّ صلعم، فَقَالَ ◙(3): أَوَّهْ أَوَّهْ، عَيْنُ الرِّبَا، مَرَّتَيْنِ(4)، لَا تَفْعَلْ، وَلَكِنْ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَشْتَرِيَ فَبِعِ التَّمْرَ بِبَيْعٍ آخَرَ، ثمَّ اشْتَرِ بِهِ(5)). [خ¦2312]
          قالَ المُهَلَّبُ: لا خلاف بين العلماء أنَّ كلَّ مَنْ باع بيعًا فاسدًا أنَّ بيعه مردودٌ، وقول النَّبيِّ صلعم: (أَوَّهْ، عَيْنُ الرِّبَا) دليلٌ على فسخ البيع، لأنَّ الله تعالى قد أمر بذلك(6) في كتابه، وقضى بردِّ رأس المال بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا}[البقرة:278]وقوله: {فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ}[البقرة:279]وقد رُوِيَ في هذا الحديث عن بِلَالٍ أنَّ النَّبيَّ صلعم قال: ((اردُدْهُ مكسومًا(7)))، وروى(8) مَنْصُورٌ وقَيْسُ بنُ الرَّبِيْعِ عن أبي سَلَمَةَ(9) عن سَعِيْدِ بنِ المُسَيَّبِ عن بلالٍ قالَ: ((كَانَ عِنْدِي تَمْرٌ دُوْنٌ، فابتِعْتُ تَمْرًا أَجْوَدَ مِنْهُ في السُّوْقِ بِنِصْفِ كَيْلِهِ صَاعَيْنِ بِصَاعٍ، وَأَتَيْتُ النَّبيَّ صلعم فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ لَكَ هَذَا؟ فَحَدَّثْتُهُ بِمَا صَنَعْتُ، فَقَالَ: هَذَا الرِّبَا بِعَيْنِهِ، [انطَلِقْ فَرُدَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ، وَخُذْ تَمْرَكَ وَبِعْهُ بِحِنْطَةٍ أَوْ شَعِيْرٍ، ثمَّ اشْتَرِ مِنْ هَذَا التَّمْرِ ثمَّ جِئْنِي)) وذكرَ الحديثَ.
          قالَ المُهَلَّبُ: فإنَّما(10) الغرض في بيع الطَّعام مِنْ صنفٍ واحدٍ مِثْلًا بمِثْلٍ، والله أعلم(11)، للتَّوسعة(12) على النَّاس، ولئلَّا يستولي أهل الجدة على الطَّيِّب.
          وقال صاحبُ «العين»: تأوَّه الرَّجل آهةً، إذا توجَّع، ويُقَالُ: أوَّهةٌ لك، في موضع مشقَّةٍ وهمٍّ، ويُقَالُ: أوَّه مِنْ كذا، على معنى التَّذَكُّر والتَّحَزُّن.]
(13)


[1] زاد في (ز): ((شيئًا)).
[2] قوله: ((قال)) ليس في (ز).
[3] في (ز): ((فقال النَّبيُّ صلعم)).
[4] قوله: ((مرَّتين)) ليس في (ص).
[5] في (ز): ((اشتره)).
[6] قوله: ((بذلك)) ليس في (ص).
[7] قوله: ((مكسومًا)) ليس في (ص).
[8] في (ز): ((روى)).
[9] في (ز): ((جمرة)).
[10] في (ز) صورتها: ((وإنَّما)).
[11] في المطبوع: ((والله أعلم مثلًا بمثلٍ)).
[12] في المطبوع: ((التَّوسعة)).
[13] ما بين معقوفتين مطموس في (ز).