شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب الوكالة في قضاء الديون

          ░6▒ بَابُ الوَكَالَةِ في قَضَاءِ الدُّيُونِ
          فيهِ أَبُو هُرَيْرَةَ: (أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبيَّ صلعم يَتَقَاضَاهُ فَأَغْلَظَ، فَهَمَّ بِهِ أَصْحَابُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ(1) صلعم: دَعُوهُ، فَإِنَّ لِصَاحِبِ الحَقِّ مَقَالًا، ثُمَّ قَالَ: أَعْطُوهُ سِنًّا مِثْلَ سِنِّهِ، فَقَالُوا: لَا نَجِدُ إِلَّا أَمْثَلَ مِنْ سِنِّهِ، قَالَ(2): أَعْطُوهُ، فَإِنَّ خَيْرَكُمْ أَحْسَنَكُمْ قَضَاءً). [خ¦2306]
          الوكالة في قضاء الدِّيون وجميع الحقوق جائزةٌ.
          قال المُهَلَّبُ: وفيه مِنَ الفقه أنَّ(3) مَنْ آذى السُّلطان بجفاءٍ أو استنقاصٍ، أنَّ حقًّا على أصحابه وجلسائه أن يعاقبوه على ذلك، وينكروا عليه الجفاء وإن لم يأمرهم السُّلطان بذلك، وليس لهم أن يتركوا مثل هذا حتَّى ينهاهم السُّلطان عنه، كما نهى النَّبيُّ صلعم الَّذين همُّوا بالَّذي أغلظ له.
          ويُبَيِّنُ هذا قصَّةَ المُغَيْرَةِ بنِ شُعْبَةَ مع الشَّابِ الأنصاريِّ الَّذي جفا على أبي بَكْرٍ الصدَّيق ☺، فكسر المُغِيْرَةُ أنفَه، فاستعدى عليه الأنصاريُّ ليُقيده أبو بَكْرٍ مِنَ المُغِيْرَةِ، فقال(4) / أبو بَكْرٍ: والله لخروجهم مِنْ ديارهم أقرب إليهم مِنْ ذلك، أقيد(5) مِنْ ورعه أنفه(6)، وكذلك فعل المُغِيْرَةُ برسول أهل مكَّة يوم المقاضاة، إذ كان يُكَلِّمُ النَّبيَّ صلعم ويُشِيرُ بيده نحو لحيته، فضربه المُغِيْرَةُ بسيفه مغمدًا، فقال: اقبض يدك عن لحية رسول الله صلعم قبل ألَّا(7) ترجع إليك، فلم يُنكر ذلك النَّبيُّ صلعم.


[1] في (ز): ((رسول الله)).
[2] في (ز): ((فقال)).
[3] قوله: ((أنَّ)) ليس في (ز).
[4] في (ز): ((وقال)).
[5] في المطبوع: ((أقيده)).
[6] في (ز): ((ورعه الله ╡)).
[7] في المطبوع: ((أن)).