شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب: إذا أبصر الراعي أو الوكيل شاةً تموت أو شيئًا يفسد ذبح

          [░4▒ بَابُ إِذَا أَبْصَرَ الرَّاعِي أَوِ الوَكِيلُ شَاةً تَمُوتُ أَوْ شَيْئًا يَفْسُدُ فأَصْلَحَ مَا يَخَافُ الفَسَادَ.
          فيهِ كَعْبُ بنُ مَالِكٍ: (أَنَّهُ كَانَتْ لَهُمْ(1) غَنَمٌ تَرْعَى بِسَلْعٍ، فَأَبْصَرَتْ جَارِيَةٌ لَنَا شَاةً مِنْ غَنَمِنَا تَمُوْتُ، فَكَسَرَتْ حَجَرًا فَذَبَحَتْهَا بِهِ، فَقَالَ لَهُمْ: لاَ تَأْكُلُوه(2) حَتَّى أَسْأَلَ النَّبيَّ(3) صلعم، أَوْ أُرْسِلَ مَنْ يَسْأَلُهُ، وَأَنَّهُ سَأَلَ النَّبيَّ ◙، عَنْ ذَاكَ، أَوْ أَرْسَلَ(4)، فَأَمَرَ(5) بِأَكْلِهَا،(6) فَيُعْجِبُنِي أَنَّهَا أَمَةٌ، وَأَنَّهَا ذَبَحَتْ). [خ¦2304]
          قال المُهَلَّبُ: فيه(7) مِنَ الفقه تصديق الرَّاعي والوكيل على ما أؤتمن عليه حتَّى يظهر عليه دليل الخيانة والكذب، وهذا قول مالكٍ وجماعةٌ]
(8)، وقال ابنُ القَاسِمِ: إذا خاف الموت على شاةٍ فذبحها لم يضمن، ويُصَدَّق إن(9) جاء بها مذبوحةً، وقال غيره: يضمن حتَّى يتبيَّن ما قال.
          واختلف ابنُ القَاسِمِ وأَشْهَبُ إذا أنزى على إناث الماشية(10) بغير أمر أربابها فهلك، فقال ابنُ القَاسِمِ: لا ضمان عليه لأنَّ الإنزاء مِنْ صلاح المال ونمائه، وقال أَشْهَبُ: عليه الضَّمان.
          وقول ابنُ القَاسِمِ أشبه بدليل هذا الحديث، لأنَّ الرَّسول(11) صلعم لما أجاز ذبح الأَمَةَ الرَّاعية للشَّاة، وأمرهم بأكلها، وقد كان يجوز ألَّا تموت لو بقيت، دلَّ على(12) أنَّ الرَّاعي والوكيل / يجوز له الاجتهاد فيما استُرعي عليه ووكِّل به، وأنَّه لا ضمان عليه فيما أتلف(13) باجتهاده إذا كان من أهل الصَّلاح، وممَّن يعلم إشفاقه على المال والنِّيَّة في إصلاحه، وأمَّا إن كان مِنْ أهل الفسوق(14) والفساد وأراد(15) صاحب المال أن يضمنه فعل، لأنَّه لا يُصَدَّق أنَّه رأى بالشَّاة موتًا لما عُرِفَ مِنْ فسقه، وإن صدقه لم يضمنه.


[1] في المطبوع: ((له)).
[2] في المطبوع: ((تأكلوا)).
[3] في المطبوع: ((رسول الله)).
[4] قوله: ((أَوْ أُرْسِلَ مَنْ يَسْأَلُهُ، وَأَنَّهُ سَأَلَ النَّبيَّ ◙، عنْ ذَاكَ، أَوْ أَرْسَلَ)) ليس في (ز).
[5] في المطبوع: ((فأمره)).
[6] زاد في المطبوع: ((قال عبيد الله)).
[7] في المطبوع: ((وفيه)).
[8] ما بين معقوفتين مطموس في (ص).
[9] في (ز): ((وإن)).
[10] قوله: ((الماشية)) ليس في المطبوع.
[11] في (ز): ((النَّبيَّ)).
[12] قوله: ((على)) ليس في (ز).
[13] في (ز): ((تلف)).
[14] في (ز): ((الفسق)).
[15] في (ص) تحتمل: ((فأراد)).