عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب قول الله تعالى: {أو يلبسكم شيعًا}
  
              

          ░11▒ (ص) بَابُ قَوْلِ اللهِ: {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا}[الأنعام:65].
          (ش) أي: هذا بابٌ في ذكر قول الله ╡ : {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا} وأوَّله: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا}، في الآية أقوالٌ؛ قال ابن عَبَّاسٍ: {مِنْ فَوْقِكُمْ} أئِمَّة السوء، و{مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} خدم السوء، وقيل: الأتباع، وقال الضَّحَّاك: {مِنْ فَوْقِكُمْ} أي: كباركم {أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} مِن سفلتكم، وقال أبو العَبَّاس: {مِنْ فَوْقِكُمْ} يعني: الرجم، و{مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} يعني: الخسف.
          قوله: ({أَوْ يُلْبِسَكُمْ شِيَعًا}) (الشِّيَع) الفِرَق، والمعنى: شِيَعًا متفرقِّةً مختلفةً لا متَّفقة، يقال: لَبَسْتُ الشيءَ: خلطتُه، وألبستُ عليه أُلبِسُه؛ إذا لم تبيِّنه، وقال ابن بَطَّالٍ: أجاب الله دعاء نبيِّه صلعم في عدم استئصال أمَّته بالعذاب، ولم يُجِبْه في ألَّا يُلبِسَهم شِيَعًا؛ أي: فِرَقًا مختلفين، وألَّا يذيق بعضهم بأس بعضٍ؛ أي: بالحرب والقتل بسبب ذلك وإن كان ذلك مِن عذاب الله، لكنَّه أخفُّ مِنَ الاستئصال، وفيه للمؤمنين كفَّارةٌ.