عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

حديث: يا أمير المؤمنين لو أن علينا نزلت هذه الآية
  
              

          7268- (ص) حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مِسْعَرٍ وَغَيْرِهِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ لِعُمَرَ ☺ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؛ لَوْ أَنَّ عَلَيْنَا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلَامَ دِينًا}[المائدة:3] لَاتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيدًا، فَقَالَ عُمَرُ: إِنِّي لأَعْلَمُ أَيَّ يَوْمٍ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ، نَزَلَتْ يَوْمَ عَرَفَةَ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ، سَمِعَ سُفْيَانُ مِنْ مِسْعَرٍ، وَمِسْعَرٌ قَيْسًا، وَقَيْسٌ طَارِقًا.
          (ش) وجه ذكر هذا الحديث عقيب هذه الترجمة مِن حيث إنَّ الآية تدلُّ على أنَّ هذه الأمَّة معتصمين بالكتاب والسُّنَّة؛ لأنَّ الله تعالى مَنَّ عليهم بهذه الآية / بإكمال الدين وإتمام النعمة وبرضاه لهم بدِين الإسلام.
          و(الْحُمَيْدِيُّ) عبد الله بن الزُّبَير بن عيسى، منسوبٌ إلى أحد أجداده حُمَيد؛ بالضمِّ، و(سُفْيَانُ) هو ابن عُيَينة، و(مِسْعَرٌ) بكسر الميم، ابن كِدَامٍ، بكسر الكاف وتخفيف الدال.
          قوله: (وَغَيْرُهُ) قيل: يحتمل أن يكون سفيان الثَّوْريَّ، فإنَّ أحمد أخرجه مِن روايته عن (قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ) الجَدَليِّ _بفتح الجيم والدال المُهْمَلة_ الكوفيِّ، كان عابدًا ثقةً ثبتًا، لكنَّه نُسِبَ إلى الإرجاء، وهو يروي عن (طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ) الأحمسيِّ، معدودٌ في الصحابة؛ لأنَّه رأى النَّبِيَّ صلعم ، لكن لم يثبت له منه سماعٌ.
          والحديث مضى في (كتاب الإيمان) في (باب زيادة الإيمان ونقصانه) ومضى الكلام فيه.
          قوله: (يَوْمَ عَرَفَةَ) هو غير منصرفٍ، و(عرفات) منصرفٌ؛ لأنَّ (عرفة) علمٌ للزمان المعيَّن، و(عرفات) اسم جنسٍ له.
          قوله: (سَمِعَ سُفْيَانُ مِنْ مِسْعَرٍ...) إلى آخره: مِن كلام البُخَاريِّ، وأشار به إلى أنَّ العنعنة المذكورة في هذا السند محمولةٌ عنده على السماع لاطِّلاعه على سماع كلٍّ منهم مِن شيخه، فافهم.