عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب تعليم النبي أمته من الرجال والنساء مما علمه الله
  
              

          ░9▒ (ص) بَابُ تَعْلِيمِ النَّبِيِّ صلعم أُمَّتَهُ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ مِمَّا عَلَّمَهُ اللهُ لَيْسَ بِرَأْيٍ وَلَا تَمْثِيلٍ.
          (ش) أي: هذا بابٌ في بيان تعليم رسول الله صلعم أمَّته... إلى آخره، قال المُهَلَّب: مراده أنَّ العالم إذا كان يمكنه أن يحدِّث بالمنصوص لا يحدِّث بنظره ولا قياسه، انتهى، وقال صاحب «التوضيح»: ترجم في «كتاب العلم»: «باب هل يجعل للنساء يومًا على حدة في العلم» ثُمَّ نقل كلام المُهَلَّب، ثُمَّ قال: هذا معنى الترجمة؛ لأنَّه صلعم حدَّثهم حديثًا عن الله لا يبلغه قياسٌ ولا نظرٌ، وإِنَّما هو توقيفٌ ووحيٌ، وكذلك ما حدَّثهم به مِن سُنَنه فهو عن الله تعالى أيضًا؛ لقوله: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى}[النجم:3].
          قوله: (لَيْسَ بِرَأْيٍ) قد مرَّ تفسير الرأي.
          قوله: (وَلَا تَمْثِيلٍ) أي: قياسٍ؛ وهو إثبات مثل حكمٍ معلومٍ في معلومٍ آخر لاشتراكهما في علَّة الحكم، وهذا يدلُّ على أنَّهُ مِن نُفَاة القياس، وقد قلنا فيما مضى: إنَّ القياس اعتبارٌ، والاعتبار مأمورٌ به؛ لقوله تعالى: {فَاعْتَبِرُوا}[الحشر:2] فالقياس مأمورٌ به.