الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

حديث: غفر لامرأة مومسة مرت بكلب على رأس ركي يلهث

          3321- وبالسند قال: (حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ) بالصَّاد المهملةِ وتشديدِ الموحَّدة؛ أي: الوَاسطيُّ، قال: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ) أي: ابن يوسُفَ الواسطيُّ (الأَزْرَقُ) قال: (حَدَّثَنَا عَوْفٌ) بفاء آخره، هو الشَّهيرُ بالأعرابيِّ.
          (عَنِ الْحَسَنِ) أي: البَصريِّ (وَابْنِ سِيرِينَ) أي: محمَّد (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ☺، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلعم قَالَ: غُفِرَ) بالبناءِ للمفعولِ (لاِمْرَأَةٍ) لم يُعرَفْ اسمها (مُومِسَةٍ) بضمِّ الميمِ الأولى وكسرِ الثَّانية بينهما واو ساكنةٌ؛ أي: زانِيةٌ، ففي ((القاموس)): المومِسَةُ الفاجِرَةُ، والجمعُ: المومِسَاتُ والموامِيسُ وأومَسَتْ: أمكَنَتْ من الوَمْسِ؛ / أي: الاحتكَاكِ.
          وقال ابن قرقُول: المومِسةُ المجاهِرَةُ بالفجُورِ.
          (مَرَّتْ) بتشديدِ الرَّاء (بِكَلْبٍ عَلَى رَأْسِ رَكِيٍّ) بفتحِ الرَّاء وكسرِ الكافِ وتشديدِ التَّحتيَّة؛ أي: بئرٍ لم تطوَ ويجمَعُ على رَكَايا.
          قال الكَرمانيُّ: ولا منَافَاةَ بينَهُ وبينَ ما سبَقَ في بابِ الشُّربِ أنَّهُ كان رجلاً؛ لاحتمَالِ وقوعِهِما وحصُولِهِ مرَّتينِ.
          وجملة: (يَلْهَثُ) بمثلَّثةٍ آخره، صفةٌ ثانيةٌ لـ((كلب)) أو حالٌ منه (قَالَ) وفي بعضِ الأصُولِ: <قد> بدل: ((قال)) (كَادَ) بالدَّال المهملةِ آخره، وفي بعضِ النُّسخِ: <كان> بنون آخرهُ، والأولى أظهرُ (يَقْتُلُهُ الْعَطَشُ فَنَزَعَتْ خُفَّهَا) أي: من رجْلِها (فَأَوْثَقَتْهُ) أي: فربطتْ خُفَّها (بِخِمَارِهَا) بكسرِ الخاء المعجمةِ وتخفيف الميم؛ أي: بنَصِيْفِها (فَنَزَعَتْ لَهُ) أي: للكلبِ (مِنَ الْمَاءِ) أي: من ماءِ البئرِ (فَغُفِرَ) بالبناء للمفعولِ (لَهَا) أي: للمَرأةِ (بِذَلِكَ) الباء للسَّببية؛ أي: بسبب سقْيِها الماءَ للكلبِ المذكور.
          وتقدَّمَ الكلامُ على الحديثِ بأبسط في الطَّهارة والشربِ، ويستفَادُ منه أنَّ الله تعالى قد يتجَاوزُ عن الكَبِيرةِ بالعَملِ اليَسيرِ من الخيرِ تفضُّلاً منه تعالى.