الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب صفة أبواب الجنة

          ░9▒ (باب صِفَةِ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ) قال شيخُ الإسلامِ: أي: بيانُ ذكر، فأراد بصفتِهَا ذكرَها وقيل: أرادَ بها تسميتَها كتسميةِ أحدها رياناً، انتهى.
          وقال في ((الفتح)): لعلَّه أراد بالصِّفةِ العدد أو التسميةَ؛ لأنه ذكرَ في الحديث ثمانيةَ أبواب للجنةِ، وسمى واحداً منها الرَّيان.
          واعترضَه العينيُّ فقال: هذا تخمينٌ؛ لأنَّ ذكرَ الصِّفةِ وإرادةَ العدَدِ لا وجْهَ له؛ لأنَّ العددَ اسم والصفةُ خارجةٌ عن ذاتِ الشَّيء، وأمَّا ذكر الصِّفةِ وإرادة التَّسمية متعسفٌ ولا نكتَةَ فيه حتَّى يعدلَ عن التَّسميةِ إلى الصِّفة.
          قال: والذي يظهرُ أنَّ ذكرَ الأبوابِ في محلِّه؛ لأنَّه ذكر ثمانيةَ أبواب الجنَّةِ، وأمَّا ذكره الصِّفةَ فهو إشارة إلى قوله: ((الريان)) لأنَّه صفةٌ، انتهى ملخصاً.
          وهو ككلام ((الفتح)) فليتأمَّل، ولم يتعرَّض المصنِّفْ في التَّرجمة لعددِ الأبوابِ، لكنَّه محمُولٌ على ما في الحديثِ من أنَّها ثمانيةٌ حملاً للمُطلقِ على المقيَّد، وعليه تحملُ آية الزمر: {وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} [الزمر:73].
          (وَقَالَ النَّبِيُّ صلعم) وفي بعضِ النُّسخِ: <وقول النَّبي> هذا التَّعليقُ وصلَهُ المصنِّف عن أبي هُريرةَ: <أنَّ رسولَ اللهِ> في كتاب الصِّيام بأبسطَ مما هنا (مَنْ أَنْفَقَ) أي: في سبيلِ الله (زَوْجَيْنِ) أي: شيئينِ من صنفين أو متشابهينِ كبعيرَين أو دينارين أو درهمَين (دُعِيَ) بالبناء للمجهول (مِنْ بَابِ الْجَنَّةِ) وفي روايةٍ سبقت في الصِّيام: ((نُودِي من أبوابِ الجنَّة يا عبدَ اللهِ هذا خيرٌ فمَن كانَ من أهلِ الصَّلاة دُعِيَ من بابِ الصَّلاة، ومَن كانَ من أهلِ الجهَادِ دُعِيَ من بابِ الجهَاد، ومَن كان من أهل الصِّيام دُعِي من بابِ الرَّيانِ، ومَن كانَ من أهل الصَّدقة دُعِيَ من باب الصَّدقةِ)) الحديث.
          (فِيهِ) أي: في هذا الباب (عُبَادَةُ) بضمِّ العين المهملةِ وتخفيفِ الموحَّدة؛ أي: ابنُ الصَّامت؛ أي: حديثُه (عَنِ النَّبِيِّ صلعم) كأنَّه يشيرُ، كما في ((الفتح)) إلى ما وصلَه المصنِّف في ذكر عيسى من أحاديثِ الأنبياء عنهُ عن النبيِّ صلعم بلفظ: ((من شهدَ أن لا إلهَ إلا الله)) الحديث.
          وفيه: ((أدخلهُ الله من أبوابِ الجنَّة الثَّمانيةِ أيها شاء)).