الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب: خمس من الدواب فواسق يقتلن في الحرم

          ░16▒ (بَابٌ) بالتنوين (خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ فَوَاسِقُ) جمعُ: فاسقٍ، خبرُ: ((خمسٌ)) وجملةُ: (يُقْتَلْنَ فِي الحَرَمِ) بالبناء للمفعولِ، خبرٌ بعد خبرٍ، أو حالٌ من ضَميرِ: ((فواسقُ)) والأَولى جعلُ: ((فواسقُ)) نعتاً ثانياً لـ((خمسٌ)) والجملةُ: خبرٌ، و((الحرَمِ)) بفتحتين، ضدُّ: الحِلِّ، بمعنى: الإحرامِ، ويحتمِلُ أن يُرادَ حرَمُ مكةَ والمدينةِ، بل هو الظاهرُ، وإذا جاز قتلُهنَّ في الحرمِ، ففي الحِلِّ أَولى.
          تنبيه: هكذا وقعَتِ الترجمةُ في نُسخٍ، وعليها شرحُ شيخِ الإسلامِ.
          وقال في ((الفتح)): وقعَ في روايةِ السرخَسيِّ هنا: <بابٌ: إذا وقعَ الذُّبابُ في شرابِ أحدِكم فليَغمِسْه> ولا معنى لذكرِه هنا، قال: ووقعَ عنده أيضاً: <بابُ: خمسٌ من الدوابِّ فواسِقُ> وسقطَ من روايةِ غيرِه، وهو أَولى، انتهى.
          وليُتأمَّلْ قولُه: وهو أَولى، ولعلَّ الأَولى ما وقعَ للسَّرخسيِّ ثانياً، وهو ما شرَحْنا عليه، واقتصرَ على الحرَمِ تبَعاً للفظِ حديثِ البابِ، وليسَ للاحترازِ؛ لأنَّ طلبَ قتلِهنَّ في الحلِّ من بابِ أَولى، ووقعَ في بعضِ النُّسخِ هكذا: <بابٌ: إذا وقعَ الذُّبابُ في شرابِ أحدِكُم فليَغمِسْه؛ فإنَّ في أحدِ جَناحَيه داءً، وفي الآخرِ شفاءً، وخمسٌ من الدوابِّ فواسِقُ يُقتَلنَ في الحرَمِ> وعليها شرحُ القسطلانيِّ، وقال: إنها ثابتةٌ في الفرعِ لأبي ذرٍّ.
          وأقولُ: لا وجهَ لذكرِ قولِه: <إذا وقعَ الذُّبابُ> إلى قولِه: <شفاءً> لعدمِ مطابقةِ شيءٍ من أحاديثِ البابِ له، على أنه ساقَ الترجمةَ به بعدَ هذا البابِ، فتأمَّل.