الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب ما كان النبي يعطي المؤلفة قلوبهم وغيرهم من الخمس ونحوه

          ░19▒ (باب مَا كَانَ النَّبِيُّ صلعم) بإضافةِ: ((باب)) إلى: ((ما)) لكن بتقديرِ مُضافٍ، نحوِ: بيانِ، وقوله: (يُعْطِي الْمُؤَلَّفَةَ قُلُوبُهُمْ) خبرُ: ((كان))، وفاعلُ: ((يعطي)) المستترُ يعودُ إلى النبيِّ، ومفعولُه ضميرٌ محذوفٌ يعودُ إلى: ((ما)) و((المؤلَّفةَ)) مفعولُه الأولُ، و((قلوبُهم)) نائبُ فاعلِ: ((المؤلَّفةَ)) وهم: مَن أسلمَ ونيِّتُه ضعيفةٌ، أو كان يُتوقَّعُ بإعطائه إسلامُ غيرِه وإن لم يكُنْ مسلماً.
          (وَغَيْرَهُمْ) بالنصب عطفاً على: ((المؤلَّفةَ)) والمرادُ به: حتى يظهَرَ له المصلحةُ في إعطائه (مِنَ الْخُمُسِ) متعلقٌ بـ((يُعطي)) (وَنَحْوِهِ) عطفٌ على: ((الخُمُسِ)) أي: الخَراجِ والفَيءِ والجِزيةِ (رَوَاهُ) أي: هذا الأمرَ المذكورَ (عَبْدُ اللَّهِ) بتكبيرِ: ((عبدُ)) (ابْنُ زَيْدٍ) أي: الأنصاريُّ ☺، والمرادُ: روى الحديثَ الدالَّ على ذلك مما سيأتي في قصةِ حُنينٍ في المغازي موصولاً.
          (عَنِ النَّبِيِّ صلعم) قال في ((الفتح)): قال إسماعيلُ القاضي: في إعطاءِ النبيِّ صلعم للمؤلَّفةِ من الخُمسِ دَلالةٌ على أنَّ الخُمُسَ للإمامِ يفعلُ فيه ما يرى من المصلحةِ.
          وقال الطبريُّ: استَدلَّ بهذه الأحاديثِ _أي: الآتيةِ في الباب_ مَن زعَمَ أنَّ النبيَّ صلعم كان يُعطي من أصلِ الغنيمةِ لغيرِ المقاتلين، قال: وهو قولٌ مردودٌ بدليلِ القرآنِ والآثارِ الثابتةِ.
          واختُلفَ بعد ذلك من أين كان يُعطي المؤلَّفةَ، فقال مالكٌ وجماعةٌ: من الخُمسِ، وقال الشافعيُّ وأحمدُ: من خُمسِ الخُمسِ، قيل: وليس في أحاديثِ البابِ شيءٌ صريحٌ بالإعطاءِ من نفسِ الخُمسِ، انتهى.
          وذلك لأنه يجوزُ أن يكونَ الإعطاءُ من خُمسِه عليه السلامُ أو من أصلِ الغنيمةِ.