الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب قسمة الإمام ما يقدم عليه ويخبأ لمن لم يحضره أو غاب عنه

          ░11▒ (باب قِسْمَةِ) أي: ندْبِ قَسْمِ (الإِمَامِ) أي: أو نائبِه (مَا يَقْدَمُ عَلَيْهِ) بفتحِ دال: ((يقدَمُ))، والجملةُ: صلةُ: ((ما)) الواقعةِ مفعولَ: ((قِسمةِ)) المصدرِ المضافِ إلى فاعلِه، ويجوزُ في: ((ما)) أن تكونَ نكِرةً موصوفةً، والمرادُ بـ((ما يقدَمُ عليه)) ما يأتيه من هدايا أهلِ الحربِ، وقيَّدَه كثيرٌ من الشُّراحِ بما إذا كان بين أصحابِه، والظاهرُ أنَّ الحُكمَ لا يتقيَّدُ بكَونِه بين أصحابِه، بل يُندبُ له ذلك مطلقاً، ولعلَّ تقييدَهم بذلك لقولِ المصنِّفِ:
          (وَيَخْبَأُ لِمَنْ لَمْ يَحْضُرْهُ أَوْ غَابَ عَنْهُ) وجملة: ((ويخبَأُ)) حالٌ من الإمامِ، قاله في ((المنحة))، وهو _بفتحِ التحتية أوله وبهمز آخره وسكونِ الخاء المعجمةِ_.
          وقوله: ((لمَنْ لم يحضُرْه)) بضمِّ الضَّاد المعجمةِ؛ أي: في مجلسِ القِسمةِ، متعلِّقٌ بـ((يَخبَأُ))، وقولُه: ((أو غاب عنه)) معطوفٌ على: ((مَن لم يحضُرْه)) أي: عن الإمامِ بأن يكونَ في غيرِ بلدِه.
          قال ابنُ المنيِّرِ: فيه ردٌّ لِما اشتُهرَ بين الناسِ أنَّ الهدايا لمَنْ حضَرَ، انتهى.
          وأقولُ: لعل ما اشتُهرَ محمولٌ على الهدايا من غيرِ المشركين، فليُتأمل.