نجاح القاري لصحيح البخاري

باب إذا ذكر في المسجد أنه جنب خرج كما هو ولا يتيمم

          ░17▒ (باب) بالتنوين (إِذَا ذَكَرَ) من الباب الذي مصدره الذكر بضم الذال ؛ أي: تذكر الرجل (فِي الْمَسْجِدِ) أي: حال كونه فيه (أَنَّهُ جُنُبٌ فخرج) وفي روايةٍ: <خرج> (كَمَا هُوَ) أي: على هيئته وحالته جنباً (وَلاَ يَتَيَمَّمُ) هو توضيح لقوله: كما هو.
          قال الكرماني: ما موصولة أو موصوفة (1)، وهو مبتدأ خبره محذوفٌ ؛ أي: كالأمر الذي هو عليه أو كحالة هو عليها، فإن قلت: ما معنى التشبيه هاهنا؟، قلت: مثل هذه الكاف تسمى كاف المقارنة ؛ أي: خرج مقارناً لأمر أو لحالة هو عليه أو عليها. انتهى.
          وقال محمود العيني: (تسمية هذه الكاف بكاف المقارنة تصرف منه واصطلاح، بل الكاف هنا للتشبيه على أصله، ونظير ذلك قولك لشخص: كن كما أنت عليه، والمعنى: على ما أنت عليه، ثمَّ في هذا وجوهٌ من الإعراب:
          الأول: أن تكون ما موصولةً، وهو مبتدأ وخبره محذوفٌ، والتقدير: كالذي هو عليه من الجنابة.
          الثاني: أن يكون هو خبراً محذوف المبتدأ، والتقدير: كالذي هو هو كما قيل في قوله تعالى: {اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آَلِهَةٌ} [الأعراف:138] ؛ أي: كالذي هو لهم آلة.
          الثالث: أن تكون ما زائدةً ملغاةً، والكاف جارةٌ، وهو ضمير مرفوعٌ أنيب عن المجرور كما في قولك: ما أنا كأنت، والمعنى: فخرج في المستقبل مماثلاً لنفسه في الماضي.
          الرابع: أن تكون ما كافة، وهو مبتدأ محذوفٌ الخبر ؛ أي: عليه أو كائن.
          الخامس: أن تكون ما كافة، وهو فاعلٌ، والأصل: فخرج كما كان، ثمَّ حذف كان فانفصل الضمير، وعلى هذا / الوجه يجوز أن تكون ما مصدرية).


[1] في هامش الأصل: وعلى كل تقدير هذه الجملة محلها النصب على الحال من الضمير الذي في خرج. منه.