نجاح القاري لصحيح البخاري

باب من بدأ بالحلاب أو الطيب عند الغسل

          ░6▒ (بابُ مَنْ بَدَأَ بِالْحِلاَبِ) بكسر الحاء المهملة وتخفيف اللام وبالموحدة، يريد به ظرف الماء، كما يدل عليه رواية أبي عوانة في ((صحيحه)) عن يزيد بن سنان، عن أبي عاصم: ((كان يغتسل من حلاب فيأخذ غرفةً بكفيه فيجعلها على شقه الأيمن ثمَّ الأيسر))، وهو يردُّ على من ظنَّ أن الحلاب ضرب من الطيب، ويؤيده قوله: (أَوِ الطِّيبِ عِنْدَ الْغُسْلِ) إذ العطف يقتضي التغاير، وسيجيء تفصيله إن شاء الله تعالى.
          فإن قيل: إذا كان المراد من الحلاب ظرف الماء يكون المذكور في الترجمة شيئين: أحدهما: الإناء، والآخر: الطيب، وليس في الباب ذكر للطيب؛ فالجواب: أنَّ المؤلِّف عقد الباب لأحد الأمرين حيث جاء بأو الفاصلة دون الواو الواصلة، فوفى بذكر أحدهما، وهو الإناء على أنه كثيراً ما يذكر في الترجمة شيئاً، ولا يذكر في الباب حديثاً متعلِّقاً به لأمر يقتضي ذلك.
          وأمَّا المناسبة بين ظرف الماء والطيب فمن حيث إنَّ كلاً منهما يقع في ابتداء الغسل، ويحتمل أنه أراد بالحلاب الإناء الذي فيه الطيب يعني يبدأ / تارةً بطلب ظرف الطيب، وتارةً بطلب نفس الطيب، كذا قال الكِرماني، وفيه تأمُّل، ستقف عليه إن شاء الله تعالى.