نجاح القاري لصحيح البخاري

حديث: من ذبح قبل أن يصلي فليذبح أخرى مكانها

          985- (حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ) هو: ابن إبراهيم الأزدي الفراهيدي مولاهم، وقد تكرَّر ذكره (قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) هو: ابن الحجاج (عَنِ الأَسْوَدِ) بن قيس العبْدي _بسكون الموحدة_ الكوفي، وليس بأسودَ بنِ يزيد؛ / لأنَّ شعبة لم يلحق الأسود بن يزيد.
          (عَنْ جُنْدبٍ) بضم الجيم وسكون النون وضم الدال المهملة وفتحها وفي آخره موحدة، هو: ابن عبد الله بن سفيان البجلي العَلَقي _بفتح العين المهملة واللام وبالقاف_ مات بعد فتنة ابن الزبير.
          (قَالَ: صَلَّى النَّبِيُّ صلعم يَوْمَ النَّحْرِ) صلاة العيد (ثُمَّ خَطَبَ، ثُمَّ ذَبَحَ فَقَالَ) أي: في خطبته، وفي رواية: <وقال> بالواو.
          (مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ) صلاة العيد (فَلْيَذْبَحْ) ذبيحةً (أُخْرَى مَكَانَهَا، وَمَنْ لَمْ يَذْبَحْ فَلْيَذْبَحْ بِاسْمِ اللَّهِ) أي: لله، فالباء بمعنى اللام، ويجوز أن يتعلق بمحذوف؛ أي: متبرِّكاً باسم الله، وإنَّما كرَّر هذا للتَّأكيد.
          فعن هذا قال أبو حنيفة ☼ بوجوب الأضحية، وبه قال محمد وزفر والحسن وأبو يوسف في رواية، وهو قول مالك والليث وربيعة والثوري والأوزاعي.
          وعن أبي يوسف: إنَّها سنة، وبه قال الشافعيُّ وأحمد وهو قول أكثر أهل العلم.
          وذكر الطحاويُّ: أنَّها على قول أبي حنيفة واجبةٌ، وعلى قول أبي يوسف ومحمد سنة مؤكدة، ووجه السُّنية: ما رواه مسلم والأربعة من حديث أم سلمة ♦ عن النبيِّ صلعم أنَّه قال: ((من رأى هلال ذي الحجة منكم، وأراد أن يضحِّي فليمسك عن شعره وأظفاره))، والتَّعليق بالإرادة ينافي الوجوب.
          ولوجه الوجوب أحاديث:
          منها: ما رواه ابن ماجه من حديث أبي هريرة ☺ قال: قال رسول الله صلعم : ((من كان له سعة ولم يضحِّ فلا يقربنَّ مصلَّانا)). ورواه أحمد وإسحاق وأبو يَعلى والدارقطني والحاكم في «مستدركه»، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
          ومنها: ما رواه الدارقطنيُّ من حديث عليٍّ ☺ عن النبيِّ صلعم : ((نسخ الأضحى كل ذبح ورمضان كل صوم)). وقال البيهقيُّ: إسناده ضعيف.
          ومنها: ما أخرجه الدارقطنيُّ أيضاً من حديث عائشة ♦ قالت: يا رسول الله أستدين وأضحي؟ قال: ((نعم، وإنَّه دين مقضيٌّ)). وفي إسناده: هُدير بن عبد الرَّحمن وهو ضعيفٌ، ولم يدرك عائشة ♦.
          ورجال إسناد الحديث ما بين بصريٍّ وواسطيٍّ وكوفيٍّ، وقد أخرج متنه المؤلف في «الأضاحي» [خ¦5562] و«التوحيد» [خ¦7400] و«الذبائح» أيضاً [خ¦5500] وأخرجه مسلم والنسائي وابن ماجه في «الأضاحي».